وقد عرفنا في هذا الباب أَيْضًا حرص الصحابة والتابعين ومن تبعهم على رواية الحديث بلفظه كما سمعوه، وإجازة بعضهم للعالم بفقه الحديث روايته بالمعنى إذا لم يحضره اللفظ، ومنعهم هذا لغير العالم بفقهه، خوفًا من التحريف وتغيير الأحكام، وأن رواية الحديث بالمعنى أحيانًا لم تسيء إلى الحديث، ولم تغير أحكامه كما ادعى بعض الباحثين.
ثم لمسنا النشاط العلمي الواسع في عصر الصحابة والتابعين، وأدركنا اهتمام الأمة بحديث رسولها الكريم، عندما بحثنا انتشار الحديث في ذلك العصر، والرحلة في طلبه، فكانت صورة صادقة عن الحيوية العلمية آنذاك.
وعرفنا في الباب الثالث نشأة وضع الحديث وأسبابه، وأثر الأحزاب السياسية في هذا، وخلصنا إلى أن الشيعة الذين استغلوا اسم (أهل البيت) هم الذين أساءوا إلى السُنَّةِ بوضعهم الحديث لدعم دعواهم ومذهبهم، وعرفنا أن أهل البيت براء من هذا كله، وانتهينا إلى أن الخوارج لم يضعوا الحديث، لأن الكذب في عقيدتهم من الكبائر.
وعرفنا أثر أعداء الإسلام، وأثر التفرقة العنصرية والتعصب القبلي والمذهبي والإقليمي، والقصاصين، وأثر الجهل مع الرغبة في الخير، وأثر الممالأة والتقرب إلى الحكام - عرفنا أثر هذا كله في وضع الحديث، ووقوف الأمة وعلمائها أمام هذه الظاهرة، ومقاومة الوضع باتباع أسلم قواعد التثبت العلمي من التزام الإسناد، ومضاعفة النشاط العلمي، وتتبع الكذبة ومعرفة أحوال الرواة، ووضع علامات لتمييز الصحيح من السقيم والموضوع، وبهذا سلمت السُنَّةُ من أيدي أعدائها.
وعلى ضوء هذا نقدنا جولدتسيهر وغاستون ويت وأحمد أمين،