دونه، فما كانوا يخشونه من الحديث، أصبح خشية التابعين الأولين من الرأي والتباسه بالحديث» (?).

ويقوي هذا الرأي عندنا ما ورد عن هؤلاء التابعين من أخبار يحثون فيها على الكتابة ويسمحون لطلابهم أن يكتبوا عنهم، وقد نشطت الكتابة عندما فرق طلاب العلم بين النهي عن كتابة الرأي والنهي عن كتاب الرأي مع الحديث، ونرى التابعين ينكبون على الكتابة في حلقات الصحابة، بل إن بعضهم كان يحرص على الكتابة حرصًا شديدًا، فهذا سعيد بن جبير (- 95 هـ) كان يكتب عن ابن عباس، فإذا امتلأت صحفه كتب في نعله حتى يملأها (?)، وعنه قال: «كُنْتُ أَسِيرُ بَيْنَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ الحَدِيثَ مِنْهُمَا، فَأكْتُبُهُ عَلَى وَاسِطَةِ الرَّحْلِ حَتَّى أَنْزِلَ فَأَكْتُبَهُ» (?)، ورخص سعيد بن المسيب (- 94 هـ) لعبد الرحمن بن حرملة بالكتابة حينما شكا إليه سوء حفظه (?)، ونرى عامرًا الشعبي بعد أن كان يقول: «مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ ... » يُرَدِّدُ قَوْلَهُ: «الكِتَابُ قَيْدُ العِلْمِ» (?)، وكان يحض على الكتابة ويقول: «إِذَا سَمِعْتُمْ مِنِّي، شَيْئًا فَاكْتُبُوهُ وَلَوْ فِي حَائِطٍ» (?)، ومع هذا فقد روى أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015