عليه، وصاد الأمر إلى الجواز (?). وفي هذا قال الرامهرمزي: «وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: "حَرَصْنَا أَنْ يَأْذَنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الكِتَابِ فَأَبَى "، أَحْسِبُ (?) أَنَّهُ كَانَ مَحْفُوظًا فِي أَوَّلِ الهِجْرَةِ وَحِينَ كَانَ لاَ يُؤْمَنُ الاشْتِغَالُ بِهِ عَنِ الْقُرْآن» (?).
والقول بالنسخ أحد المعنيين اللذين فهمهما ابن قتيبة من تلك الأخبار. فقال: «أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ مَنْسُوخِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ، كَأَنَّهُ نَهَى فِي أَوَّلِ الأَمْرِ عَنْ أَنْ يُكْتَبَ قَوْلُهُ، ثُمَّ رَأَى بَعْدُ - لَمَّا عَلِمَ أَنَّ السُّنَنَ تَكْثُرُ وَتَفُوتُ الحِفْظَ - أَنْ تُكْتَبَ وَتُقَيَّدَ» (?)، ورأى هذا الرأي كثير من العلماء، وذهب إليه العلامة المحقق الأستاذ أحمد محمد شاكر (?) فبعد أن دعم رأيه بالأخبار التي تبيح الكتابة قال: «كُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ - «لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ القُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ» - مَنْسُوخٌ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، حِينَ خِيفَ اخْتِلاَطُ غَيْرِ الْقُرْآنِ بِالقُرْآنِ وَحَدِيثُ أَبِي شَاهٍ فِي أَوَاخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ أَخْبَارُ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الإِسْلاَمِ - " أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَكْتُبُ، وَأَنَّهُ هُوَ لَمْ يَكُنْ يَكْتُبُ ": يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يَكْتُبُ بَعْدَ إِسْلاَمِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي النَّهْيِ مُتَأَخِّرًا عَنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ فِي الإِذْنِ وَالجَوَازِ لَعُرِفَ ذَلِكَ عِنْدَ الصَّحَابَةِ يَقِينًا صَرِيحًا» (?).
ويمكن أن نلحق هنا الرأي الذي يقول: إن النهي إنما كان عن كتابة