الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية، فربما كتبوه معه، فَنُهُوا عن ذلك لخوف الاشتباه (?).

الثالث: أن النهي في حق من وثق بحفظه وخيف اتكاله على الكتابة، والإذن في حق من لا يوثق بحفظه كأبي شاه (?).

الرابع: أن يكون النهي عَامًّا وخص بالسماح له من كان قارئًا كاتبًا مجيدًا لا يخطئ في كتابته، ولا يخشى الغلط، كعبد الله بن عمرو الذي أمن عليه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كل هذا، فأذن له (?). وهذا هو المعنى الآخر الذي فهمه ابن قتيبة من تلك الأخبار.

ورأينا في هذه الأخبار هو صحة ما روي عن أبي سعيد من النهي، وصحة ما [وَرَدَ] عن غيره من إباحة الكتابة، فنحن لا نقول بوقف خبر أبي سعيد عليه. فالرأي الأول مردود، ويمكن أن تكون جميع هذه الآراء الثلاثة صوابًا، فَنَهَى - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - عن كتابة الحديث الشريف مع القرآن في صحيفة واحدة خوف الالتباس، وربما يكون نهيه عن كتابة الحديث على الصحف أول الإسلام حتى لاَ يُشْغَلَ المسلمون بالحديث عن القرآن الكريم، وأراد أن يحفظ المسلمون القرآن في صدورهم وعلى الألواح والصحف والعظام توكيدًا لحفظه، وترك الحديث للممارسة العملية، لأنهم كانوا يطبقونه: يرون الرسول فيقلدونه، ويسمعون منه فيتبعونه، وإلى جانب هذا سمح لمن لا يختلط عليه القرآن بالسنة أن يُدَوِّنَ السُنَّةَ كعبد الله بن عمرو، وأباح لمن يصعب عليه الحفظ أن يستعين بيده حتى إذا حفظ المسلمون قرآنهم وميزوه عن الحديث جاء نسخ النهي بالإباحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015