وَفِي جُمَادَى الْآخِرَة: قبض على جاسوسين من التتار. وتنجز البرج الَّذِي بناه السُّلْطَان فِي قارة وَشرع فِي بِنَاء برج أكبر مِنْهُ لحفظ الطرقات من عَادِية الفرنج. واهتم ملك الأرمن بِالْمَسِيرِ إِلَى بِلَاد الشَّام وَأعد ألف قياء تتري وَألف سراقوج ألبسها الأرمن ليوهم إِنَّهُم نجدة من التتر وَلما ورد الْخَبَر بذلك خرج الْبَرِيد إِلَى دمشق بِخُرُوج عسكرها إِلَى حمص وَخُرُوج عَسْكَر حماة وَألا يخرج عربان الشَّام فِي هَذِه السّنة إِلَى الْبَريَّة. فَخرجت العساكر ووالت الغارات من كل جِهَة فَانْهَزَمَ الأرمن وَنزل الْعَسْكَر على أنطاكية فَقتل وَأسر وغنم وأغار الْعَسْكَر أَيْضا بِبِلَاد السَّاحِل على الفرنج حَتَّى وصل إِلَى أَبْوَاب عكا. وَشرع السُّلْطَان الْبناء فِي شقيف تيرون وَكَانَ قد خرب من سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة فَلَمَّا تمّ بِنَاؤُه حمل إِلَيْهِ زردخاناه وذخائر وَبعث إِلَى عَسْكَر السَّاحِل مِائَتي ألف دِرْهَم فرقت فيهم. وَورد الْبَرِيد بِأَن جمَاعَة من شيراز وَمن أُمَرَاء الْعرَاق وأمراء خفاجة وصلوا وافدين إِلَى الْأَبْوَاب السُّلْطَانِيَّة. وَفِي أول رَجَب: رفعت قصَّة بِأَن على بَاب المشهد الْحُسَيْنِي مَسْجِدا إِلَى جَانِبه مَوضِع من حُقُوق الْقصر قد بيع بِسِتَّة آلَاف دِرْهَم حملت إِلَى الدِّيوَان. فَأمر السُّلْطَان بردهَا وَعمل الْجَمِيع مَسْجِدا وَأمر بعمارته ووقف أحد الْجند بيتيم مَعَه ذكر إِنَّه وَصِيّه فَقَالَ السُّلْطَان لقَاضِي الْقُضَاة. إِن الأجناد إِذا مَاتَ أحدهم استولي خشداشيته على موجوده وَيجْعَل الْيَتِيم من الأوشاقية فَإِذا مَاتَ الْيَتِيم أَخذ الْوَصِيّ موجوده أَو يكبر الْيَتِيم فَلَا يجد شَيْئا وَلَا تقوم لَهُ حجَّة على موجوده أَو يَمُوت الْوَصِيّ فَيذْهب مَال الْيَتِيم فِي مَاله والرأي أَن أحدا من الأوصياء لَا ينْفَرد بِوَصِيَّة وَليكن نظر الشَّرْع شَامِلًا وأموال الْيَتَامَى مضبوطة وأمناء الحكم يحاققون على المصروف. وَطلب السُّلْطَان نواب الْأُمَرَاء ونقباء العساكر وَأمرهمْ بذلك فاستمر الْحَال عَلَيْهِ. وَفِي ثالثه: قدم الوافدون من شيراز ومقدمهم الْأَمِير سيف الدّين بكلك وَمَعَهُمْ سيف الدّين اقتبار الْخَوَارِزْمِيّ جمدار جلال الدّين خوارزم شاه وغلمان أتابك سعد وهم شمس الدّين سنقرجاه ورفقته. وَوصل صحبتهم مظهر الدّين وشاح بن شَهْري والأمير حسام الدّين حُسَيْن بن ملاح أَمِير الْعرَاق وَكثير من أُمَرَاء خفاجة. فَتَلقاهُمْ السُّلْطَان بِنَفسِهِ وَأعْطِي سيف الدّين بكلك إمرة طبلخاناه وَأحسن إِلَى سَائِرهمْ.