وَفِي ثَالِث عشريه: رسم بمسامحة بَنَات الْأَمِير حسام الدّين لاجين الجوكندار العزيزي. بِمَا وَجب للديوان فِي تَرِكَة أبيهن وَكَانَ قد مَاتَ بِدِمَشْق فِي رَابِع عشر الْمحرم وَهُوَ مبلغ أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم نقرة خَارِجا عَن مَاله من الْأَمْلَاك والغلال وَالْخَيْل. وَكتب السُّلْطَان بذلك إِلَى الشَّام وَقصد بدلك أَن يفهم أمراءه أَن من مَاتَ فِي خدمته وَحفظ يَمِينه ينظر فِي أَمر ورثته ويبقي عَلَيْهِم مَا يخلفه. وَمَات الْأَمِير شهَاب الدّين القيمري نَائِب السلطنة بالفتوحات الساحلية فَأعْطِي ابْنه إقطاعه وَهُوَ مائَة طواش. وَلما أسر الفرنج الْأَمِير شُجَاع الدّين وَالِي سرمين أُبْقِي السُّلْطَان إقطاعه بيد إخْوَته وغلمانه كل ذَلِك استجلابا للقلوب. وَفِيه ورد الْخَبَر أَن هيتوم ملك الأرمن جمع وَسَار إِلَى هرقلة وَنزل على قلعة صرخد. فَخرج الْبَرِيد من قلعة الْجَبَل إِلَى حماة وحمص بِالْمَسِيرِ إِلَى حلب فَخَرجُوا وأغاروا على عَسْكَر الأرمن وَقتلُوا مِنْهُم وأسروا. فَانْهَزَمَ الأرمن واستنجدوا بالتتار فَقدم مِنْهُم من كَانَ فِي بِلَاد الرّوم وهم سَبْعمِائة فَارس فَلَمَّا وصلوا إِلَى حارم رجعُوا من كَثْرَة الثَّلج وَقد هلك مِنْهُم كثير. وَورد الْخَبَر بِأَن خليج الْإسْكَنْدَريَّة قد انسد وامتلأت فوهته بالطين وَقل المَاء فِي ثغر الْإسْكَنْدَريَّة بِهَذَا السَّبَب فسير السُّلْطَان الْأَمِير عز الدّين أَمِير جاندار فحفره وَبعث الْأَمِير جمال الدّين مُوسَى بن يغمور الأستادار لحفر بَحر جَزِيرَة بني نصر عِنْد قلَّة ريها. وَفِي جُمَادَى الأول: سَافر الْأَمِير سيف الدّين بلبان الزيني أَمِير علم إِلَى الشَّام برسم تجهيز مهمات القلاع وَعرض عَسَاكِر حماة وحلب وَرِجَال الثغور وإلزام الْأُمَرَاء بتكميل الْعدَد وَالْعدة وإزاحة الْأَعْذَار بِسَبَب الْجِهَاد. وَكتب على يَده عدَّة تَذَاكر. بِمَا يعتمده وَأَن يحمل من دمشق خزانَة كَبِيرَة إِلَى البيرة برسم نفقاتها. ورحلت جمَاعَة من عرب خفاجة كَانُوا قد وردوا بكتب من جَمَاعَتهمْ بالعراق يخبرون فِيهَا بِأَنَّهُم أَغَارُوا على التتار حَتَّى وصلت غاراتهم بَاب مَدِينَة بَغْدَاد ويخبرون بأحوال مَدِينَة شيراز فأجيبوا وَأحسن إِلَيْهِم. وَفِيه توجه قصاد إِلَى الْملك بركَة وَأسلم عَالم كَبِير على يَد السُّلْطَان من التتار الواصلين وَمن الفرنج المستأمنين والأسري وَمن النّوبَة القادمين من عِنْد ملكهَا فَفرق فيهم فِي يَوْم وَاحِد الْأَمِير بدر الدّين الخازندار مائَة وَثَمَانِينَ فرسا.