سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة استفتح السُّلْطَان هَذِه السّنة بِالْجُلُوسِ فِي دَار الْعدْل فأحضرت إِلَيْهِ ورقة مختومة مَعَ خَادِم أسود تَتَضَمَّن مرافعة فِي شمس الدّين شيخ الْحَنَابِلَة إِنَّه يبغض السُّلْطَان ويتمني زَوَال دولته لِأَنَّهُ مَا جعل للحنابلة نَصِيبا فِي الْمدرسَة الَّتِي أَنْشَأَهَا بجوار قبَّة الْملك الصَّالح وَلَا ولي حنبليا قَاضِيا وَذكر أَشْيَاء فادحة فِيهِ. فَبعث السُّلْطَان بهَا إِلَى الشَّيْخ فأقسم إِنَّه مَا جري مِنْهُ شَيْء وَإِنَّمَا هَذَا الْخَادِم طردته من خدمتي. فَقَالَ السُّلْطَان: وَلَو شتمتني أَنْت فِي حل وَأمر فَضرب الْخَادِم. مائَة عَصا. وَفِي الْمحرم: نُودي بِالْقَاهِرَةِ ومصر أَن امْرَأَة لَا تتعمم بعمامه وَلَا تتزيا بزِي الرِّجَال وَمن فعلت ذَلِك بعد ثَلَاثَة أَيَّام سلبت مَا عَلَيْهَا من الْكسْوَة وَطلب الطواشي شُجَاع الدّين مرشد الْحَمَوِيّ إِلَى قلعة الْجَبَل وَأنكر عَلَيْهِ السُّلْطَان اشْتِغَال مخدومه صَاحب حماة باللهو وَقرر مَعَه إِلْزَام الأجناد بِإِقَامَة البزك وتكميل الْعدَد وَكتب لَهُ تقليدا وسافر إِلَى حماة. وَقدم للأمير جلال الدّين يشْكر ابْن الدوادار الْمُجَاهِد دوادار الْخَلِيفَة بِبَغْدَاد وَكَانَ قد تَأَخّر حُضُوره فَأحْسن إِلَيْهِ السُّلْطَان وَأَعْطَاهُ إمرة طبلخاناه. وَفِي يَوْم الْأَحَد الْخَامِس من صفر: اجْتمع أهل الْعلم بِالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّة بَين القصرين عِنْد تَمام عمارتها وَحضر الْقُرَّاء وَجلسَ أهل كل مَذْهَب فِي إيوانهم. وفوض تدريس الْحَنَفِيَّة للصدر مجد الدّين عبد الرَّحْمَن بن الصاحب كَمَال الدّين بن العديم وتدريس الشَّافِعِيَّة للشَّيْخ تَقِيّ الدّين مُحَمَّد بن الْحسن بن رزين والتصدير لإقراء الْقُرْآن للفقيه كَمَال الدّين الْمحلي والتصدير لإِفَادَة الحَدِيث النَّبَوِيّ للشَّيْخ شرف الدّين عبد الْمُؤمن بن خلف الدمياطي. وَذكروا الدُّرُوس ومدت الأسمطة وَأنْشد جمال الدّين أَبُو الْحُسَيْن الجزار يَوْمئِذٍ: أَلا هَكَذَا يَبْنِي الْمدَارِس من بني وَمن يتغالى فِي الثَّوَاب وَفِي الثنا لقد ظَهرت الظَّاهِر الْملك همة بهَا الْيَوْم فِي الدَّاريْنِ قد بلغ الْمَنِيّ ومذ جَاوَرت قبر الشَّهِيد فنفسه النفيسة مِنْهَا فِي سرُور وَفِي هُنَا وَمَا هِيَ إِلَّا جنَّة الْخلد أزلفت لَهُ فِي غَد فَاخْتَارَ تَعْجِيلهَا هُنَا