وَفِي تاسعه: هبت ريح شرقية بطرابلس الشَّام وأعمالها وإشتدت فهدمت الدّور والموادن وصعقت أقصاب السكر بإجمعها. وَفِي هَذِه الْأَيَّام: إشتد الْبرد بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى جمدت الْمِيَاه بعدة مَوَاضِع وأبيع الجليد بالأسواق فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشره وجمدت بركَة من مستنقع مَاء النّيل فِي بعض الضواحي بِحَيْثُ صَارَت قِطْعَة واحده ومشي فَوْقهَا الأوز وأصبحت زروع كَثِيرَة من الفول وَقد إسودت وحفت فَحملت وَأوقدت فِي الأفران وإسود ورق كثير من شجر الجميز وَغَيره. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشره: ولي شمس الدّين مُحَمَّد الونائي قَضَاء الْقُضَاة بِدِمَشْق عوضا عَن الْحِمصِي وَلم يخلع عَلَيْهِ وحملت لَهُ الخلعة ليلبسها إِذا قدم دمشق بسؤاله ذَلِك وأمهل بِالسَّفرِ إِلَى أثْنَاء شَوَّال وأضيف إِلَيْهِ عدَّة وظائف مِنْهُمَا خطابة الْجَامِع الْأمَوِي عوضا عَن الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن الباعوني وَنظر الأسوار وَنظر الأسرى وَأخرج لَهُ من الاصطبل السلطاني بغلة بقماش كَامِل وزناري وَهَذَا شَيْء قد بَطل مُنْذُ سِنِين فجدده عناية من السُّلْطَان يه. وَفِي يَوْم السبت عشرينه: ركب السُّلْطَان من القلعة وَنزل بخليج الزَّعْفَرَان كعادة الْمُؤَيد شيخ والأشرف برسباى ومدت لِلْأُمَرَاءِ أسمطة جليله بِحَسب الْوَقْت وَحمل جمَاعَة من المباشرين أنواعًا من الْحَلْوَى والفواكه وَغَيرهَا ثمَّ ركب بعد صَلَاة الظّهْر وَدخل من بَاب الْقصر فشق شَارِع الْقَاهِرَة وَخرج من بَاب زويلة إِلَى القلعة وَهَذِه أول مرّة شقّ فِيهَا الْقَاهِرَة بعد سلطنته وَكَانَ هَذَا وَهُوَ بِثِيَاب جُلُوسه وَلم يكن هَذَا فِي الْقَدِيم وَأول من ترخص فِيهِ النَّاصِر فرج فَإِنَّهُ ركب بِثِيَاب جُلُوسه ثمَّ إقتدي بِهِ فِي ذَلِك الْملك الْمُؤَيد شيخ وَمن بعده وعد هَذَا مِمَّا ضيع من قوانين المملكة وَبَطل من رسومها. وَفِي هَذَا الشَّهْر: هم السُّلْطَان بِإِخْرَاج الرزق الأحباسية عَمَّن هِيَ بِيَدِهِ. ثمَّ إستقر الْحَال على أَن جبي من الرزق الأحباسية الَّتِي بأراضي الجيزة الَّتِي بِبِلَاد الْملك من ضواحي الْقَاهِرَة عَن كل فدان مائَة دِرْهَم من الْفُلُوس فجبيت وأنعم بِمَا يجبي من الجيزة على الْوَزير إِعَانَة لَهُ وَمَا يجبي من الضواحي يصرف فِي عمل الجسور. وَفِيه أَيْضا رسم بفك قيد الْأَمِير جانم أَمير أخور الأشرفي بفك وَبَقِي فِي سجنه بالمرقب بِغَيْر قيد.