عَاشر الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
وَهَذَا ذكر الْجَمَاعَة وتسميتهم فاما الشَّيْخ دحمل فَكَانَ رجلا صَالحا متعبدا يغلب عَلَيْهِ الوله وَيظْهر للنَّاس ان فِي عقله ضعفا وَكَانَ يَأْتِي مَنَابِر الْجَوَامِع فيضربها تَارَة بِيَدِهِ وَأُخْرَى بالعصا الَّتِي لَهُ وَيَقُول يَا حمَار الْكَذَّابين وَيُقَال أَنه وصل الى قُضَاة عرشان فِي شَفَاعَة فَلم يقبلُوا مِنْهُ وَكَانُوا إِذْ ذَاك على حَال كَمَال من الدُّنْيَا وراهم فِي عجب عَظِيم من انفسهم فَخرج من عرشان مغضبا فَلَمَّا صَار مِنْهَا خطوَات الْتفت اليها وَقَالَ هدكى عرشان فَلم يقفوا غير يسير حَتَّى زَالَ عَنْهُم الْقَضَاء الى القَاضِي مَسْعُود على مَا قدمنَا وَلم يزل دحمل على الطَّرِيق المرضي حَتَّى توفّي بعد سِتّمائَة تَقْرِيبًا وَقيل انه توفّي بدولة الْمَنْصُور بن الرَّسُول وَالله أعلم وَقد تقدم ذكر بَقِيَّة اصحابه
وَنَرْجِع الى سير احوال الْمُلُوك فَلَمَّا توفّي سيف الاسلام وَله ولدان الْمعز والناصر الْمعز الْأَكْبَر وَقد كَانَ ظهر لَهُ مِنْهُ الْخُرُوج عَن مَذْهَب السّنة الى التَّشَيُّع فطرده وقلاه فَخرج مغاضبا يُرِيد بَغْدَاد يشكو اباه فحين توفّي ابوه بعث أَعْيَان الدولة وبعثوا خَلفه من يَطْلُبهُ فادركه النجابون فِي المخلاف السَّلمَانِي فاعادوه من السرين فَدخل حرض وَطلب ناظرها القَاضِي اِسْعَدْ فَقتله لِأَنَّهُ حِين مر بِهِ لم يُكرمهُ وَحين قَتله استصفى أَمْوَاله وَمن جُمْلَتهَا جَارِيَة تعرف بفتحة فحضيت عِنْده وَصَارَ قصادا زبيد فَدَخلَهَا يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشر الْقعدَة فَبَاتَ بهَا لَيْلَة ثمَّ خرج فَدخل تعز يَوْم الاحد ثَانِي وَعشْرين مِنْهُ فَلبث بتعز مَا شَاءَ الله ثمَّ طلع ذَا جبلة فَدَخلَهَا يَوْم الْخَمِيس رَابِع وَعشْرين الْحجَّة فَلبث مَا شَاءَ الله
وَفِي سنة 594 ابْتَدَأَ حراب دَار الْعِزّ بجبلة يَوْم الِاثْنَيْنِ منتصف ربيع الاول من السّنة ورسم الْمعز من يهدم التعكر فهدم بجمادي الاخرة من السّنة ثمَّ طلع