الصناع فِي ذَلِك فابتنى جدارا طوله من الْجَبَل الى الْجَبَل نَحوا من مأتى ذِرَاع وارتفاعه فِي الأَرْض نَحوا من خمسين ذِرَاعا وَعرضه نَحوا من عشرَة أَذْرع بالحديد وَهَذَا التَّقْدِير مني على طَرِيق التَّجَوُّز والتقريب فَلهَذَا اذا رَآهُ شخص يَقُول مَا اقتدر على هَذَا الْحفر الا الْجِنّ وَلَوْلَا ثُبُوت ذَلِك وادعاه مُدع لم يصدق

وَمن ذَلِك ابتنأه لمسجدالجند وتجديد بنائِهِ الْمُقدم والجناحان واما الْمُؤخر فبناه بعض الْقُضَاة من وفر الْمَسْجِد وجدد بِنَاء الْمفضل من الْمَسْجِد الْأَحْجَار وسقف عَلَيْهَا حَتَّى جَاءَ الْمهْدي بن عَليّ بن الْمهْدي فَأخر بِهِ وَأحرقهُ على مَا سَيَأْتِي إنْشَاء الله وَلم يزل مهدوما حَتَّى قدم الغز وَهُوَ على ذَلِك إِذْ لم تطل مُدَّة المهادنة بعد ذَلِك وَلَا قبله

ثمَّ لما قدم سيف الاسلام ابتنى ذَلِك وَزَاد فِي سمك الْمَسْجِد مَا هُوَ جَنْبي الْآن بِالْأَجْرِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَان ذَلِك عِنْد ذكرهم

وَقد ذكر القَاضِي أَبُو بكر اليافعي قصَّة الغيل فِي مدحه لِابْنِهِ مَنْصُور لما مدحه وَجعل من جملَة مدحه مدح أَبِيه وَنبهَ على فعله فِي الغيل وَكنت أتشكك فِي من جر الغيل حَتَّى وجدته فِي شعر القَاضِي الْمَذْكُور وَقد تقدم من ذَلِك مَعَ ذكره مَا يُغني عَن ذَلِك لَكِن احب ذكر مَا قَالَ فِي الغيل وَذَلِكَ أَنه لما ذكر الْمفضل قَالَ ... واقل مكرمَة لَهُ وفضيلة ... إجراؤه للغيل فِي الأجناد

شقّ الْجبَال الشامخات فاصبحت ... وكأنما كَانَت ثعاب وهاد ... وَفِي قَوْله شقّ الْجبَال الشامخات دَلِيل على صِحَة مَا ذَكرْنَاهُ ثمَّ لم يزل بمناكرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015