الْوَلِيد الْحِمْيَرِي كَانَ وَالِده واليا للمكرم من جملَة صغَار الدَّار فَتوفي ابو البركان بعد المكرم فَجعلت السيدة ولَايَة التعكر الى ابْنه خَالِد وَلم يفرق الْمفضل عَن حضرتها فَلبث اياما نَحْو سنتَيْن فَقتله الْفَقِيه عبد الله بن المصوع مقدم الذّكر فِي فُقَهَاء ذِي السفال وَقتل عبد الله عقب ذَلِك كَمَا قدمت ذَلِك عِنْد ذكره فَجعلت السيدة الْمفضل مَكَانَهُ فَمن وَقت طلعته تعنت بالفقهاء واظهر عداوتهم وَقبض أَرَاضِي الْقَاتِل وَقَومه وَهِي الْأَمْلَاك الْقَدِيمَة فِي ذِي السفال وهرب غَالب الْفُقَهَاء من مجاورة التعكر خوفًا من سطوته وَقد ذكرت مَا فعل مَعَ اصحاب الْفَقِيه زيد عِنْد ذكره وَصَارَ الْمفضل رجل الْبَيْت ومدبر الْملك والذاب عَنهُ وَلم تكن تقطع السيدة أمرا دونه فبذلك عظم شَأْنه وعلت كَلمته وَلم يكن فِي اعيان الدولة من يساميه وَلَا يُسَاوِيه وغزى تهَامَة مرَارًا لَهُ وَعَلِيهِ وَكَانَت لَهُ مَكَارِم ومفاخر وَلكنهَا دون مفاخر سبا الْمُقدم ذكره وَكَانَ الْمفضل جوادا ممدحا يَقْصِدهُ الشُّعَرَاء من الانحا ويمدحونه فيثيبهم على ذَلِك ثَوابًا مغنيا واليه قدم مواهب بن جَدِيد المغربي وامتدحه بغرر القصائد من بَعْضهَا قَوْله
... يَا مَالك الدّين وَالدُّنْيَا وأهلهما ... وَمن بغرته الاسلام ممتسك
قد قيل جاور لتحظى الْبَحْر أَو ملكا ... وَقد فعلت وانت الْبَحْر وَالْملك ... وَمن آثاره المبقية للذّكر جَرّه للغيل من خنوة الى مَدِينَة الْجند وَلَقَد مر بِهِ فِي مَوَاضِع احتفر بهَا طَريقَة فِي أصفية بِحَيْثُ لَا يصدق بذلك على السماع لِأَنَّهُ نقر فِي الصَّفَا حفرا عديدة واجرى المَاء فِيهَا ثمَّ لما جَاءَ بَين جبلين اخْتَار