يمشي للقائه فامتسكت رِجْلَاهُ فَدخل فِي نَفسه ان ذَلِك حَال من الْفَقِير فَغير نِيَّته وعزم على ان يلقيه وادخاله الْبَيْت ويأتيه بِطَعَام يسْتَأْنف لَهُ عمله فامتدت رِجْلَاهُ وَسَار فلقى الْفَقِير فَسلم عَلَيْهِ ورحب بِهِ وادخله الْمنزل فَلم تطب الْمَرْأَة بذلك كَمَا جرت عَادَة قليلات التَّوْفِيق فِي كَرَاهَة الضَّيْف فَقَالَ الشَّيْخ قومِي المحني لنا طَعَاما واصنعي لنا اكلا فاعتذرت وَقَالَت لَيْسَ ثمَّ طَعَام نطحن فاكرهها على ذَلِك واخذ لَهَا عودا ضربهَا بِهِ حَتَّى شجها برأسها ثمَّ تَركهَا واخذ الطَّعَام وَجعل يطحن فاستحيت الْمَرْأَة وربطت رَأسهَا واخذت المطحن من يَده وطحنت الطَّعَام حَتَّى اكملت الطَّعَام عصدته واتت لَهُم بِهِ فَأكل الشَّيْخ وَالْفَقِير وهما يتحدثان فَلَمَّا فرغا مسح على رَأس الشَّيْخ وصدره ثمَّ ودعه وسافر فَبعد فَرَاغه وَقع فِي نفس الشَّيْخ الْحَج وعزم عَلَيْهِ فققى الْمَرْأَة بعض الْغنم وَبَاعَ الْبَاقِي اخذ ثمنه وسافر بِهِ زادا الى مَكَّة ثمَّ عَاد الْبَلَد عَازِمًا خدمَة الْفُقَرَاء فِي بعض الرَّبْط فَقدم الْجند وَبهَا عدَّة من الْمَشَايِخ اصحاب الاحوال والكرامات فقصد شَيخا مِنْهُم يعرف بِعَبْد الله بن فلَان يلقب بالرميشي بِضَم الرَّاء وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ شين مُعْجمَة نسبه فِي بني مِسْكين الْمُقدم ذكرهم وَالْتزم بِخِدْمَة الرِّبَاط فَذكرُوا انه امتحنه وَلم يحكمه كَمَا جرت عَادَة الْمَشَايِخ الاختبار مقدم على التَّحْكِيم فَظهر لَهُ مِنْهُ امور عَظِيمَة واحوال خارقة فاراد ان يحكمه فَقيل لَهُ خطابا لَيْسَ من اصحابك هُوَ من اصحاب ابي الْغَيْث فَقَالَ لَهُ يَوْمًا يَا عَليّ رح الى أبي الْغَيْث فاصحبه فَهُوَ شيخك فبادر وَنزل تهَامَة فَذكرُوا ان الشَّيْخ ابا الْغَيْث كَانَ يَقُول للْفُقَرَاء يقدم عَلَيْكُم فَقير كَبِير الْقدر من هَذِه الْجِهَة فِي هَذِه الْمدَّة وَيُشِير إِلَى الطَّرِيق الَّتِي جَاءَ مِنْهَا وَكَانَ الْفُقَرَاء يخرجُون كل يَوْم الى تِلْكَ الْجِهَة يتلقونه فَقدر انهم يَوْم قدومه التقوه الى الطَّرِيق ووقفوا حَتَّى احرقتهم الشَّمْس ودخلوا الْبيُوت فَقدم الشَّيْخ وَدخل الرِّبَاط وهم على ذَلِك غافلون فحين قدم رحب بِهِ الشَّيْخ وَحكمه من سَاعَته وَقد كَانَ على مَعْلُوم حصله فِي نظر الشَّيْخ الرميشي بالجند فازداد بِنَظَر الشَّيْخ أبي الْغَيْث حسنا حَتَّى كَانَ اعيان الطَّرِيق يَقُولُونَ بشياخة صَاحب المقداحة للرميشي وقصارته انه لابي الْغَيْث ثمَّ بعد مُدَّة عَاد الْجَبَل وَقصد مَسْجِدا