الْمُجَاهِد ايضا وَقت وَطَالَ تَعبه فسافر عَن تعز فِي النّصْف الاخير من الْمحرم اول سنة ارْبَعْ وَعشْرين وسبعماية لم اكن اجد فِي الغرباء المصريين لَهُ نظيرا فِي معرفَة الْفُنُون الْمَذْكُورَة وعلو الهمة وَكَانَ سَفَره من تعز تَاسِع عشر الْمحرم على انه يعْمل على عود الْبِلَاد لبث فِي التهائم حَتَّى انْقَضتْ المحاط عَن تعز ثمَّ عَاد اليها فَلبث فِيهَا حَتَّى قدم المصريون بالتاريخ الَّاتِي وَصلح ولبث اياما مَعَ الامير مُحَمَّد بن حسن ثمَّ لما اسْتَقر الامر عَاد بَاب السُّلْطَان فَجعل كَاتبا للخزانة والانشاء وَله شعر مِنْهُ مَا كتبه الى بعض اصحابه جَوَابا لشكوى شكاها من زَمَانه وَهُوَ ... عَلَيْك سَلام الله ياخير فَاضل ... الى مشتك من دهره وعداته
بكيتك حَتَّى كَاد يمحو كتابكُمْ ... بغزر الَّذِي قد سَالَ من عبراته
لجور زمَان لم يزل أولو النَّهْي ... بشكوى إِلَى الرَّحْمَن من وتباته ... ولمانزل السُّلْطَان عدن وحاصرها الْمرة الثَّالِثَة وَذَلِكَ فِي رَمَضَان كَمَا سَيَأْتِي نزل هَذَا من عز فِي صحبته فَتَطلع عَلَيْهِ وَعرف فَضله فحين علم ذَلِك جعله من جملَة خواصه فَتَوَلّى أمورا بِاجْتِهَاد وَأَمَانَة وتوسط مَعَه لأهل الْفضل بِالْخَيرِ وَقبل مِنْهُ وَذَلِكَ حِين دخل عدن جعله صَاحب صناعَة الْبَاب إِلَيْهِ الصِّنَاعَة وَغَيرهَا ولبث على ذَلِك مُسْتَقِيم الْحَال فِي صُحْبَة الركاب حَتَّى توفّي لَيْلَة الاربعاء حادي عشر رَمَضَان من سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة وقبر بمقبرة المعاتبة بمغربة تعز
وَمِنْهُم ابو الْعَبَّاس احْمَد بن عَليّ الظفاري قدم من ظفار قَاصِدا الْحَج فَحصل بَينه وَبَين الْفَقِيه أبي بكر بن مُحَمَّد بن عمر أَلفه ومحبة واتحاد وَعلم لَهُ وَلَده الَّذِي صَار إِلَيْهِ قَضَاء الْقُضَاة ببركته وَقد مضى ذكره وَلما دنت وَفَاة الْفَقِيه أبي بكر جعله خَلِيفَته على أَهله وناظرا فِي أُمُور أَوْلَاده الَّذِي صَار إِلَيْهِ بِالْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَة كَمَا قدمنَا ذَلِك وَكره ذَلِك جمَاعَة اخوته واظهروا ذَلِك لَا سِيمَا بعد موت مُحَمَّد بن احْمَد وَعَمه الْوَزير لَوْلَا ان الْملك الْمُؤَيد كَانَ يسمع من الْفَقِيه ذكره كثيرا بِالدّينِ وَالصَّلَاح فَلم يزل ينظره بِتِلْكَ الْعين وَلَقَد كاده جمَاعَة وَسعوا فِي قَتله أَو مَوته أَو حرقه