شفنا عَلَيْهَا انوارا وانا يَوْمئِذٍ فِي سنّ التَّمْيِيز فَلَمَّا كَبرت فاستدركت ذَلِك علمت اجماع النَّاس على صَلَاحه وانه مِمَّن يُرْجَى بركته وَلَوْلَا ذَلِك لم يفعل وَالِدي مَا ذكرته فَإِنَّهُ كَانَ نزها من مراءات النَّاس وَلم يزل على الْقَضَاء المرضي حَتَّى توفّي نَهَار السبت حادي عشر شَوَّال من سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وستماية فَلم يُكفن الا بقرض اقْترض لَهُ وَكَانَ لَهُ مخلف وَرثهُ من ابيه قدر خَمْسَة الاف فافتقد فَلم يُوجد بَقِي مِنْهُ الا مَا يُسَاوِي الفي دِينَار وَبَاعَ العائز وَصَرفه مستعينا بِهِ على الْوَرع والاسباب الَّتِي كَانَت لَهُ من الْمدَارِس وَالْقَضَاء يصرف حاصلهاعلى المنقطعين من طلبه الْعلم والفقراء
وَعرض مَعَ ذكره ذكر الشَّيْخ عَليّ الرميمة فَكَانَ يُسمى عَليّ ابْن احْمَد يلقب الرميمة تَصْغِير رمه صحب الشَّيْخ مدافع الْمَذْكُور اولا وَلزِمَ طَرِيق الْعُزْلَة بجبل صَبر وَكَانَ شَيخا مُبَارَكًا قَالَ القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ اخبرني الشَّيْخ عَليّ الرميمة ان اكله فِي السّنة اثْنَي عشر زبديا يكلفه اهله على ذَلِك والزبدي التعزي يؤمئذ قدر ثَمَانِيَة ارطال فِي تِلْكَ الايام وَإِنَّمَا زيدته فِي آخر الدولة المظفرية وَهَذَا الْقدر يَأْكُلهُ الْوَاحِد الْمُنْفَرد فِي شهر وَكَانَ صَاحب مكاشفات قَالَ القَاضِي وَكَانَ الشَّيْخ عبد الله ابْن عَبَّاس مقدم الذّكر قد بَعثه المظفر الى مصر هُوَ والأمير ابْن الداية فَلَمَّا صَارُوا بِمصْر مَاتَ ابْن الداية فاتصل الْعلم الى الْيمن ان الْمَيِّت هُوَ عبد الله ابْن الْعَبَّاس وَكَانَ يصحبني فمررت بِبَابِهِ فَسمِعت فِي بَيته بكاء ازعجني حَتَّى طلعت الى الشَّيْخ الرميمة فاخبرته فاطرق سَاعَة ثمَّ قَالَ لي لم يمت الا ابْن الداية وَابْن عَبَّاس فِي عَافِيَة فَانْزِل اخبر اهله بذلك فَنزلت مسرعا فاخبرتهم ثمَّ بعد