عَنْك فَقَالَ دعهم فَأَنا وَالله أحفظ الْمُهَذّب كَمَا تحفظ الْفَاتِحَة وَلم يزَالُوا يسألونه حَتَّى نفذ سُؤَالهمْ ثمَّ أقبل على كل فَسَأَلَهُ بسؤال فَتَركه متحيرا يتلعثم ويتلجلج ثمَّ أَقَامَ بزبيد أَيَّامًا فوصله حكام التهايم وفقهاؤها وافتقد من يصلح فأبقاه وَمن لَا يصلح فنفاه وَهُوَ أول من ولي الْقَضَاء من بني عمرَان فَذكرُوا أَنه اسْتمرّ على قَضَاء الْقُضَاة وَتُوفِّي عَلَيْهِ كَانَ ميلاده سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة وَكَانَ أورع من قعد فِيهِ وَحكم بِأَحْكَام الشَّرْع وَله من الْآثَار المتقنة للذّكر تَجْدِيد جَامع مرعيت على طَرِيق الساير من تعز إِلَى عدن أَو الجؤة وَغَيره وَكَانَ حسن الْهَيْئَة جيد السِّيرَة وَلما توفّي لَا أَدْرِي بِأَيّ تَارِيخ وَله إِذْ ذَاك ولد اسْمه مُحَمَّد كَانَ مولده سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة وَقد صَار مراهقا فأضيف الْقَضَاء إِلَى ابْن عَمه أسعد بن مُحَمَّد بن مُوسَى فتوقف فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور حَتَّى يكمل ولد القَاضِي أبي بكر فَلَمَّا كمل كتب القَاضِي إِلَيْهِ يُعلمهُ فَجعل مَكَانَهُ ابْنه مُحَمَّد فسلك طَرِيق أَبِيه فِي كل الْأُمُور وَذَلِكَ مَعَ علم بالفقه وَغَيره وَكَانَ نظيف الْعلم عَظِيم الْوَرع
حُكيَ أَنه كَانَ يطعم النَّاس طَعَاما لائقا وَكَانَ ابْن عَمه مُحَمَّد بن أسعد الملقب بالبهاء يطعم أَيْضا طَعَاما خَارِجا عَمَّا يَلِيق بِحَيْثُ يذبح وَيعْمل الألوان الْحَسَنَة وَكَانَ ذَلِك وَالْقَاضِي الْبَهَاء لَيْسَ مَعَه مَا يطعم مِنْهُ غير مَا يَأْتِيهِ من أملاكه وَهِي إِذْ ذَاك قَليلَة وَكَذَلِكَ قَاضِي الْقُضَاة فَذكرُوا أَنه قَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه ابْن عمك يعْمل طَعَاما عَالِيا وَأَنت تعْمل دونه وَلَو شِئْت لعملت خيرا مِنْهُ فَقَالَ صدقت لَكِن أَنا أطْعم دَائِما حَلَالا لَو شِئْت كم على هَذِه المثابة الَّتِي ترى وَابْن عمي كَأَنَّك بِهِ وَقد أدان وَأخذ رَحل الْمَسَاجِد والأيتام فَكَانَ كَمَا قَالَ وَأَن من عَجِيب ورع هَذَا الرجل أَنه دخل جبلة لقضية أوجبت ذَلِك وَمَعَهُ ابْن عَمه الْمُقدم ذكره فقضيا حوائجهما وخرجا فَأخذ نصف ابلوج سكر أَبيض وَأخذ ابْن عَمه عدَّة أباليج ثمَّ لم يعلم بهم حَتَّى وصلا المصنعة وَكَانَ متزوجا بأخته فَأمر لَهَا أَخُوهَا بِنَصِيب من الْهَدِيَّة وَفرق على الْجِيرَان والأهل فَقَالَت أُخْته لزَوجهَا قَاضِي الْقُضَاة يَا هَذَا يُؤَدِّي إِلَيّ أخي نَصِيبي أَكثر مِمَّا أهديت أَنْت جَمِيعه فَقَالَ يَا هَذِه تنظري أَنْت عَاقِبَة أَمْرِي وَأمر أَخِيك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَكَانَت وَفَاته على الطَّرِيق المرضي فِي عشر سِنِين