الْمُتَأَخِّرين لَهُم بذلك نَظِير إِذْ كَانُوا أهل إطْعَام وإكرام عَاميْنِ وَقد تقدم ذكر الشَّيْخ وَمن شهر بالفقه من أَهله ثمَّ ذكر ابْن عَمه مُحَمَّد بن مُوسَى وَمن تفقه من أَوْلَاده على مَا ذكر ابْن سَمُرَة تَصْرِيحًا ومفهوما وَآخر من ذكر مِنْهُم أَحْمد بن مُوسَى وَقَالَ كَانَ على قَضَاء الْجند يَعْنِي فِي عصره ثمَّ توفّي وَلم أتحقق لَهُ تَارِيخا فخلفه ابْنه أَبُو بكر فِي الْفِقْه وَالْقَضَاء وَكَانَ يُقَال لَهُ سرداب الْعلم لِكَثْرَة نَقله لَهُ وجودة مَعْرفَته بِهِ وَكَانَ أحد حفاظ الْيمن بِكِتَاب الْمُهَذّب وَقدم المسعود بن الْكَامِل الْيمن بالتاريخ الْآتِي ذكره وَقدم صحبته معلمه القَاضِي معافى وَكَأَنَّهُ كَانَ سني الِاعْتِقَاد فَأصْبح بعد أَن ولي الْقَضَاء من قبل المسعود فِي آخر يَوْم من شعْبَان صَائِما وَأمر النَّاس بِالْفطرِ وَأنكر عَلَيْهِ الْفُقَهَاء وَهُوَ إِذْ ذَاك بِالْجَبَلِ فَعلم بِهِ بعض أعدائه فوشى بِهِ إِلَى المسعود وَكَانَ حادا لصِغَر سنه فَعظم ذَلِك عَلَيْهِ واستدعى بِهِ فَلَمَّا حضر قَالَ لَهُ يَا قَاضِي الْيَوْم من رَمَضَان قَالَ لم يثبت بذلك شَيْء فاستدعى بالغداء فَلَمَّا حضر اعتزله فَقَالَ لَهُ المسعود الْآن تحققت أَنَّك خارجي على غير السّنة ثمَّ طرده وَأخرجه عَن مَجْلِسه وَكَانَ وَقت دُخُوله الْيمن ضَعِيف الْفِقْه إِذا حضر مَجْلِسا وذاكره الْفُقَهَاء بِشَيْء من أَبْوَاب الْفِقْه ومسائله يصدر عَنهُ الْجَواب القَاضِي أَبُو بكر وحاجج عَنهُ الْفُقَهَاء فَأَحبهُ وقربه فَصَارَ أول دَاخل عَلَيْهِ وَآخر خَارج عَنهُ وَصَارَ يُسَمِّيه بكيرا على طَرِيق التصغير ثمَّ كَانَ يثني عَلَيْهِ عِنْد المسعود وَيَقُول هُوَ أفقه أهل الْيمن فَصَارَ لَهُ فِي بَاطِن السُّلْطَان صُورَة جَيِّدَة فَلَمَّا صَار الْمعَافى فِيمَا صَار من الْأَمر مَعَ المسعود وطرده طلب هَذَا أَبَا بكر فَلَمَّا حضر ولاه قَضَاء الْقُضَاة فَلم يزل عَلَيْهِ حَتَّى توفّي آخر الدولة المنصورية وَحكى الثِّقَة الْخَبِير بأحواله أَنه نزل تهَامَة يُرِيد افتقادها فحين صَار بحيس وَقد سمع بِهِ فُقَهَاء زبيد لم يصل النوري إِلَّا وَقد صَار مِنْهُم أَعْيَان متوكفون للقائه فحين واجهوه سلمُوا عَلَيْهِ سَلاما لائقا ثمَّ أَقبلُوا يسألونه بسؤالات قد أعدوها من مشكلات الْفِقْه وَكَانَ يُجِيبهُمْ غير مكترث وَلَا متلعثم فَأَخْبرنِي الْفَقِيه أَبُو بكر بن عبد الله بن خليج الْآتِي ذكره قَالَ أَخْبرنِي بعض أَصْحَابه وَمن كَانَ مَعَه مِنْهُم فِي سَفَره ذَلِك قَالَ خشيت عَلَيْهِ التَّعْجِيز فدنوت مِنْهُ وَقلت لَهُ يَا سَيِّدي أَلا أصرفهم