على قرية يقال لها سلمية وامتدوا إلى قريتي حيلان والحاري وهما قري حلب، ثم سيروا فرقة من عسكرهم بإتجاه حلب، فخرج عسكر المسلمين ومعهم جمع غفير من العوام والسوقة، وأشرفوا على المغول وهم نازلون على تلك الأماكن، وقد ركبوا جميعهم لإنتظار عسكر حلب، فلما تحقق المسلمون كثرتهم كروا راجعين إلى المدينة وأصبح الملك المعظم تورانشاه بعد ذلك أوامره إلى قواته بالتحصن داخل حلب، وعدم الخروج منها (?)، وفي اليوم التالي تحركت القوات المغولية طالبة حلب، ولما وصلت جموع المغول إلى أسفل الجبل نزلت إليهم فرقة من جيش المسلمين لمقاتلتهم، فلما شاهد المغول ذلك تراجعوا أمام الجيش الإسلامي مكراً وخديعة لاجتذابهم بعيداً عن البلد، فتبعهم عسكر حلب ساعة من النهار، ثم كر الجيش المغولي وخرج من مكامنه فاندفع المسلمون أمامه إلى جهة البلد، والعدو في أثرهم، ولما حازوا جبل بانقوسا وعليه بقية الجيش الإسلامي إندفعوا جميعاً نحو المدينة والعدو مستمر في مطاردتهم، فقتل من المسلمين جمع كثير من الجند والعوام، ونازل المغول حلب ذلك اليوم إلى آخره، ثم رحلوا عنها إلى أعزاز فتسلموها بالأمان (?).
أـ الإضطرار إلى التسليم: عاود المغول هجومهم على حلب في ثاني صفر من 658هـ/يناير 1260م وأحكموا حصارها بحفر خندق حولها عمقه قامة، وعرضه أربعة أذرع، وبنوا حائطاً بإرتفاع خمس أذرع، ثم نصبوا عليها عشرين منجنيقاً وشرعوا في رميها بالحجارة ونقب أسوارها ومهاجمتها من كل الجهات، حتى اضطرـ إلى التسليم في التاسع صفر من 658هـ/يناير 1260م، ولم ملكوها غدروا بأهلها وقتلوا منهم خلقاً كثيراً، ونهبوا الدور وسبوا النساء والأطفال، ثم إستباحوا المدينة خمسة أيام عاثوا فيها فساداً حتى إمتلأت الطرقات بجثث القتلى، ويقال إنه أسر من حلب زيادة على مائة ألف من النساء والصبيان، ولم يسلم من أهل حلب إلا من إلتجأ إلى دار شهاب الدين بن عمرون، ودار نجم الدين أخي مردكين، ودار البازياد، ودار علم الدين قيصر الموصلي، والخانقاه التي لزين الدين الصوفي وكنيسة اليهود بفرمانات كانت بأيديهم وقيل أنه سلم بهذه الأماكن من القتل ما يزيد عن خمسين ألف نفس (?).