هذا طرف من الحرب النفسية التي كانت التتار يشنونها ضد أعداهم (?).
2 ـ إستنجاد الناصر بالمماليك: رفض الملك الناصر دعوة هولاكو وأرسل إليه رداً مليئاً بالسباب وقلب سياسته تجاه المغول رأساً على عقب، حيث أقدم عندما بلغه عبور القوات المغولية نهر الفرات على إرسال رسول من قبله هو الصاحب كمال الدين بن العديم إلى المماليك في مصر يستنجد بهم ضد جيوش هولاكو التي بات هجومها وشيكاً على بلاد الشام، وأمام هذا التصرف الجريء للملك الناصر يوسف، أدرك هولاكو ـ على ما يبدو ـ فشل سياسة التشدد التي إتبعها مع الملك الناصر، والتي أدت به إلى الارتماء في أحضان المماليك في مصر، وبدأ هولاكو يفكر في تلافي ذلك الخطأ حيث سارع بإرسال نجدة سريعة إلى الملك الناصر في دمشق، ولكن هذه النجدة لم تؤت ثمارها بالنسبة لهولاكو، بل زادت فكرة التصالح بين المماليك والأيوبيين، إذ يذكر المقريزي أن السلطان المملوكي المظفر قطز عندما علم بوصول تلك النجدة المغولية إلى الملك الناصر بدمشق، بعث إليه كتاباً أقسم له فيه بالإيمان أنه لا ينازعه في الملك ولا يقاومه وأنه نائب عنه بديار مصر، وختم كتابه هذا بقوله:
وإن إخترتني خدمتك، وإن إخترت قدمت ومن معي من العسكر نجدة لك على القادم عليك، فإن كنت لا تأمن حضوري سيرت إليك العساكر صحبة من تختار (?).
3 ـ سقوط حلب: كانت مدينة حلب أول مدينة شامية واجهت العاصفة المغولية، فقد أصدر هولاكو أوامره لقواته بعبور نهر الفرات، ومهاجمة بلاد الشام، ووصل الخبر بذلك إلى حلب وكان يحكمها الملك المعظم تورانشاه نائباً عن الملك الناصر، فجحفل الناس خوفاً من المغول إلى دمشق، وعظم الخطب على من بداخلها، وقبل وصول القوات المغولية إلى حلب، أرسل هولاكو كعادته إنذاراً إلى صاحبها، إلا أن الملك المعظم الأيوبي رد علي بقوله:
ليس لكم عندنا إلا السيف (?)، ثم احترز على حلب حتى صارت في غاية الحصانة والمنعة، بأسوارها المحكمة البناء وقلعتها المنيعة، وبما نصبه عليها من آلات دفاعية (?). وفي العشرة الأخيرة من ذي الحجة سنة 657هـ نوفمبر 1259م، قصد المغول مدينة حلب ونزلوا