ب ـ هدم أسوار المدينة وقلعتها ومساجدها: لجأ الملك المعظم تورانشاه إلى القلعة ومع جمع كثير من حلب، واستمر الحصار على القلعة وشدد المغول مضايقتهم لها نحو شهر (?)، ويبدو خيانة حدثت في جيش الملك المعظم سهلت للمغول مهمتهم في تشديد حصارهم للقلعة ومعرفة مواطن الضعف فيها، ومن ثم تثبيط همم المقاتلين داخلها، الأمر الذي ترتب عليه تسليم القلعة إلى المغول رغم حصانتها بكل سهولة، ودخل هولاكو بعد ذلك إلى القلعة وخربها، وهدم أسوار المدينة وجوامعها ومساجدها وبساتينها وعفى آثارها، حتى غدت بلدة موحشة، بعد أن كانت تعد من أزهى مدن الشام، وخرج إليهم الملك المعظم تورانشاه، ويذكر المقريزي أن هولاكو لم يتعرضه بسوء لكبر سنه (?)، ولا يستبعد أن يكون الملك المعظم قد أصيب خلال حصار المغول للمدينة والقلعة بجراح بالغة أو بمرض لم يعد يرجى برءه، أو أن هولاكو قد دبر قتله سراً، بدليل ما ذكره المقريزي نفسه من أن الملك المعظم توفي بعد ذلك بأيام قلائل (?).

جـ ـ غنائم لحلفاء هولاكو من النصارى: لم يشأ هولاكو أن تمر فرصة إستيلائه على حلب دون أن يكافئ حليفه، هيثوم الأول ملك أرمينية الصغرى، وبوهيمند السادس الصليبي أمير أنطاكيا الذين ساعداه في ذلك العمل، حيث قام بإعطاء ملك الأرمن جزءاً من الأنفال، وأعاد إليه الأقاليم والقصور التي كان مسلمو حلب قد استولوا عليها منهم، كما رد إلى بوهيمند جميع الأراضي التي كان المسلمون قد اقتطعوها من إمارته، وعبر هيثوم عن إبتهاجه بذلك بإحراق الجامع الكبير في حلب بنفسه إنتقاماً من المسلمين (?). وهكذا سقطت مدينة حلب في يد المغول، وحقق هولاكو بذلك ما لم يستطع تحقيقه الأمراء الصليبيون والأباطرة البيزنطيون وحطم حصناً عظيماً من حصون الإسلام، وغدت هذه المدينة، التي كانت تعتبر بحق من أروع وأزهى مدن الشام خربة يائسة، وعين عليها هولاكو حاكماً من قبله (?)، وقد أثار سقوط هذه المدينة التي كانت موطن حركة الجهاد ضد الصليبيين، الفزع والوجل في نفوس المسلمين ببلاد الشام، فوصل إلى هولاكو بحلب كثير من أمراء المسلمين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015