السلطان الصبي آخر خطوات قطز صوب عرش مصر وقتال التتار (?). وبينما كان هولاكو يجتاح أقاليم العالم الإسلامي الشرقية كان نجم سيف الدين قطز يزداد سطوعاً وتزداد قامته السياسية طولاً، وكأنه على موعد مع التاريخ لكي ينجز مهمته الكبرى في هزيمة الجحافل التتارية الظالمة، لقد استغل قطز إجتماع القلعة لخلع السلطان الصبي، وأخذ يتحدث عن مساوئ المنصور علي، وقال: لا بد من سلطان قاهر يقاتل هذا العدو، والملك الصبي صغير لا يعرف تدبير الملك (?)، وساعده على الوصول لهدفه أن مفاسد الملك المنصور علي كانت قد زادت حتى انفض الجميع من حوله واستهتر في اللعب وتحكمت أمه فاضطربت الأمور وجاءت الفرصة تسعى إلى سيف الدين قطز عندما خرج أمراء المماليك المعزية والبحرية إلى الصيد في منطقة العباسية بالشرقية وفي غزة، وعلى رأسهم سيف الدين بهادر والأمير علم الدين سنجر الغتمي، في يوم السبت 24 ذو القعدة سنة 657هـ/1259م وقبض قطز على الملك المنصور وعلى أخيه قاقان وأمهما وإعتقلهم في أحد أبراج القلعة، فكانت مدة حكم المنصور سنتين وثمانية أشهر وثلاثة أيام (?). وهكذا اكتملت رحلة المملوك صوب العرش، وصار سلطاناً على الديار المصرية، وجلس على سرير الملك بقلعة الجبل في نفس اليوم، واتفق الحاضرون على توليته، لأنه كبير البيت ونائب الملك وزعيم الجيش، وهو معروف بالشجاعة والفروسية، ورضى به الأمراء الكبار والخوشداشية وأجلسوه على سرير الملك ولقبوه بالمظفر (?).
9 ـ ترتيب سيف الدين قطز للأمور الداخلية: لم يكن جلوس قطز على عرش السلطنة نهاية لرحلة المملوك إلى عرش السلطان، إذ كان على السلطان المظفر سيف الدين قطز أن يوطد دعائم حكمه في الداخل قبل أن يتوجه للقاء عدوه في الخارج، فبدأ بتغيير الوزير ابن بنت الأعز، وولى بدلاً منه زين الدين يعقوب عبد الرفيع بن يزيد بن الزبير، ثم كان عليه أن يواجه معارضة كبار الأمراء الذين قدموا إلى قلعة الجبل، وأنكروا ما كان من قبض قطز على الملك المنصور، ووثوبه على المك، فخافهم واعتذر إليهم بحركة التتار إلى جهة مصر (?) والشام، وقال سيف الدين قطز في سياق تبريره لما حدث: وإني ما قصدت إلا أن نجتمع على قتال التتار، ولا يتأتى ذلك بغير ملك، فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو، فالأمر