لكم، أقيموا في السلطنة من شئتم (?)، وأخذ يرضي أمراء المماليك حتى تمكن على حد تعبير المقريزي، وما أن شعر أن سلطته قد رسخت حتى أخذ يتخلص من كل من يمكن أن يشكل تهديداً على عرشه، فأرسل المنصور علي وأخاه وأمه إلى دمياط، واعتقلهم في برج بناه هناك وأطلق عليه أسم برج السلسلة، ثم نفاهم جميعاً إلى القسطنطنية، بعد ذلك قبض السلطان سيف الدين قطز على الأمير علم الدين سنجر الغتمي، والأمير عز الدين أيدمر النجيبي الصغير، والأمير شرف الدين قيران المعزي، والأمير سيف الدين بهادر، والأمير شمس الدين قراسنقر، والأمير عز الدين أيبك النجمي الصغير، والأمير سيف الدين الدود خال الملك المنصور علي بن المعز والطواش شبل الدولة كافور لا لا الملك المنصور، والطواشي حسام الدين بلال المغيثي الجمدار، واعتقلهم، وهكذا تمكن من التخلص من رؤوس المعارضة، ومن ناحية أخرى، بدأ السلطان المظفر سيف الدين قطز يختار أركان دولته ويوطد دعائم حكمه، فحلف الأمراء والعسكر لنفسه، واستوزر الصاحب زين الدين يعقوب بن عبد الرفيع، وأقر الأمير فارس الدين أقطاي الصغير الصالحي المعروف بالمستغرب أتابكاً وفوض إليه وإلى الصاحب زين الدين تدبير العساكر واستخدام الأجناد، وسائر أمور الجهاد والاستعداد للحرب ضد التتار، لقد ضمن سيف الدين قطز هدوء الأحوال داخل دولته، بيد أنه كان ما يزال متوجساً من ملوك الأيوبيين في بلاد الشام، خاصة الناصر يوسف صلاح الدين صاحب دمشق وحلب، وعندما علم بخبر قدوم نجدة من عند هولاكو إلى الملك الناصر بدمشق، خاف من عاقبة ذلك وكتب إليه خطاباً رقيقاً يحاول فيه تجنب المواجهة وأقسم قطز بالإيمان أنه لا ينازع الملك الناصر في الملك ولا يقاومه، وأكد له أنه نائب عنه بديار مصر، ومتى حل بها أقعده على الكرسي وقال قطز أيضاً: ... وأن أخترتني خدمتك، وإن إخترت قدمت ومن معي من العسكر نجدة لك عل القادم عليك، فإن كنت لا تأمن حضوري سيرت لك العساكر صحبة من تختاره (?).
وهكذا ظهرت من قطز معاني من التضحية والتواضع والحرص على وحدة الصف ساعدته للتصدي للمشروع المغولي وكسره في عين جالوت يأتي الحديث عنه مفصلاً بإذن الله في الفصل القادم.