ب- دور العلماء في تثبيت عماد الدين: كان عماد الدين زنكي منشغلاً بمحاصرة البيرة سنة 539هـ وكانت هذه المدينة قد أوشكت على السقوط في يد عماد زنكي فورد إليه نبأ مقتل نائبه بالموصل نصير الدين جقر فانزعج كثيراً واضطر عماد الدين إلى الرحيل عن البيرة وأرسل نائباً عنه إلى الموصل لاستطلاع حقيقة الأمر وهو القاضي تاج الدين بن يحي بن الشهرزوري كان ملازماً لعماد الدين أثناء محاصرته للبيرة، فلما وصل تاج الدين إلى الموصل علم أن الملك السلجوقي ابن السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه كان وراء مقتل نصير الدين جقر ليملك الموصل في غياب عماد الدين عنها (?)، ولذلك قام القاضي تاج الدين بن الشهرزوري بخدعة كي يفسد على الملك السلجوقي زعيم الإنقلاب بالموصل مخططه، فدخل في الدار التي كان يحاصره فيها أصحاب جقر وأصحاب عماد الدين زنكي، وظل يخادعه بمعسول الكلام ويحسن له ما فعله مع جقر ويشجعه على الصعود إلى قلعة الموصل حتى يملكها ويكون في مأمن، حيث يوجد بها الأموال والسلاح فيستطيع بعد ذلك تملك الموصل، فاقتنع الملك السلجوقي بن محمود وخرج في صحبة القاضي تاج الدين وصعدا معاً إلى القلعة، وهناك قبض عليه وعلى من معه من أتباعه الذين قتلوا نصير الدين جقر، وبعد ذلك توجه القاضي تاج الدين إلى عماد الدين زنكي وبلغه بكل ما فعله فسكن جأشه وأطمأن قلبه (?)، ومما تقدم يتضح لنا مدى ما بلغه القاضي تاج الدين من الفطنة وحسن التصرف، مثل باقي أقاربه من بيت الشهرزوري الذين إمتلأت بهم دولة عماد الدين زنكي (?) وعين عماد الدين زنكي قائده زين الدين علي كجك ليحل محل جقر نائب الموصل المقتول ثم ذهب هو بنفسه بعد ذلك لإقرار الأوضاع هناك (?).
ج- سياسة عماد الدين مع الملك الآخر ألب أرسلان: أبدى زنكي، بعد مقتل الخفاجي، عطفه على الملك الآخر ألب أرسلان، فألغى احتجازه في أحد معاقل سنجار وعطف عليه وعين بتفاصيل أمره وعين له حراساً وموظفين لخدمته واهتم بمراسيم جلوسه وركوبه، وطالب رجاله بالاهتمام بأمره واحترامه وتلبية مطالبة وقد استهدف من هذه الإجراءات تغطية مقتل الملك الخفاجي (?)، كي لا يثير السلاجقة ضده ومحاولة منه لاستغلال ألب أرسلان لتحقيق أمله في المستقبل وذلك بالمطالبة بتوليته سلطنة العراق. بعد وفاة عمه السلطان مسعود، ليصبح زنكي المتحكم الفعلي باسم السلطان
الجديد (?).