"جيوش" إلى استغلال وجود ابنه مسعود - إذ كان أتابكاً له - ودفعه إلى التوجه إلى بغداد لكي ينصب نفسه سلطاناً على سلاجقة العراق - مستهدفاً من وراء ذلك التحكم الفعلي في شؤون الدولة السلجوقية باسم السلطان الجديد، وقد أيد زنكي هذه المحاولة، وسار الوالي ومسعود متوجهين إلى بغداد على رأس حشد من قوات الموصل إلا أن المحاولة أخفقت بعد سلسلة من الحروب والمناوشات شهدتها منطقة بغداد، واستتب الأمر للسلطان محمود الذي أعقب أباه في الحكم (?). وبعد ثلاثة أعوام حاول جيوش بك أن يثور ثانية ضد السلطان محمود، غير أن زنكي رفض تأييده وأشار على
المتمردين: بطاعة السلطان وترك مخالفته وحذرهم عاقبة العصيان. لكنهم لم يلتفتوا إلى قوله، وأقدموا على تنفيذ محاولتهم التي انتهت هي الأخرى بالفشل بعد هزيمة جيوش بك ومسعود على يد السلطان محمود الذي بلغه موقف زنكي منه فقدره حق قدره وأوصى البرسقي والي الموصل الجديد بالعناية به وتقديمه على سائر الأمراء (?).
7 - تولي عماد الدين زنكي إمارة واسط والبصرة: وعندما عين البرسقي عام 516هـ شحنة على العراق رافقه زنكي واشترك إلى جانبه في المعركة التي دارت ضد دبيس أمير الحلة وانتهت بهزيمة البرسقي (?)، الذي رأى أن يزيد من اعتماده على زنكي في صراعه ضد دبيس - فولاه
واسط - ذات الموقع الهام - وكلفه مهمة الدفاع عنها ضد هجمات أمير الحلة. وقد استطاع زنكي أن يسحق في طريقه إلى واسط القوات التي حشدها دبيس للدفاع عن النعمانية، وأن يستولي على هذا الموقع (?) وأظهر زنكي في منصبه الجديد حزماً وكفاءة، وأبان عن مقدرة إدارية فذة (?)، الأمر الذي دفع البرسقي، حاكم العراق إلى إضافة البصرة إلى ولايته، لكي يصد هجمات الأعراب الدائمة عليها، وينشر الأمن في ربوعها (?) فانتقل زنكي إليها لكي يحقق فيها ما أنجزه في واسط من نشر للأمن وقضاء على الفوضى. وقد تمكن في وقت قصير من أن يتوقف هجمات الأعراب وغاراتهم المتتابعة عند حدها، وأن يجليهم إلى أعماق الصحراء، كما قضى على الفتن التي عمت البصرة، وأظهر مقدرة عسكرية وإدارية كالتي أظهرها في واسط من قبل، مما زاد من مكانته في نظر رجالات الدولة السلجوقية ومن رهبته للأعداء، حتى أن دبيس ابن صدقة - أقوى أمراء الجنوب -