كان من العوامل الرئيسية التي ساعدت على ظهور عماد الدين زنكي، منُذ عهد طفولته، ذلك الدور الذي لعبه أبوه آق سنقر في شؤون الدولة السلجوقية السياسية والعسكرية والإدارية في الأعوام (465هـ - 487هـ) والمكانة التي حصل عليها نتيجة خدماته للسلاطين السلاجقة، وعمله على تدعيم كيانهم، حتى أنه ضحى بحياته - كما رأينا - في سبيل الولاء للسلطان السلجوقي بركيارق، ولم ينس هذا تضحية آق سنقر في سبيل عرشه فجازاه - بعد مقتله - بتوجيه العناية والاهتمام نحو ابنه الوحيد عماد الدين زنكي الذي كان آنذاك في العاشرة من عمره، وكان يقيم في حلب تحت رعاية مماليك أبيه، وأصحابه الذين كانوا يكنون الحب العميق لآق سنقر (?).
1 - مكانة زنكي عند أمير الموصل كربوقا: لما تولى أمر الموصل قوام الدولة كربوقا سنة 489هـ، باسم السلطان بركيارق أولى زنكي اهتماماً خاصاً، وطلب من بعض مماليك والده المقيمين في حلب إحضار عماد الدين إليه وقال لهم: هو ابن أخي وأنا أولى الناس بتربيته، فأحضروه عنده (?)، ويبدو أن كربوقا أدرك مكانة آقسنقر والد عماد الدين في نفوس كثير من التركمان وعرف ما يكنّون له من الولاء والطاعة، فحرص على أن يضّم إليه ابنه عماد الدين ليحصل على الولاء نفسه الذي يحمله التركمان لوالده، إضافة إلى أن كربوقا أثناء ملازمته لآقسنقر قد أدرك نجابه عماد الدين ومكانته بين مماليك والده، فأراد أن يضمه إلى جانبه للاستعانه به، وبمماليك والده في حروبه ضد خصومه، وربما ليضمن عدم منافسته له مستقبلاً، وقد حظي عماد الدين بمكانة مرموقة عند قوام الدولة كربوقا، وظل عماد الدين زنكي ملازماً له بالموصل إلى أن توفي كربوقا سنة 495هـ /1101م (?).
2 - مكانته عند الأمير جكرمش والي الموصل: بقيت العلاقة طيبة بين زنكي وشمس الدولة جكرمش الذي اعقب كربوقا على ولاية الموصل (495 - 500هـ) والذي كان أحد مماليك السلطان السلجوقي ملكشاه وعلى معرفة بالخدمات التي أداها والد زنكي للسلاجقة، ومن ثم توثقت العلاقة بينه وبين زنكي حيث: قربه وأحبه واتخذه ولداً، وظل