64. من القادة السلاجقة المجاهدين نجم الدين إيلغازي صاحب ماردين، الذي استطاع أن يكبد الصليبيين خسائر فادحة في الأرواح في معركة ساحة الدم في عام 513هـ وأسر معهم الكثير، وقد صاحب هذا النصر قيام جبهة إسلامية متحدة من الأمراء المسلمين في الشام والجزيرة إضافة إلى أنها جعلت حلب في منأى عن أخطار الصليبيين خصوصاً بعد استيلاء نجم الدين إيلغازي على حصن قريب من الاثارب.
65. تولي راية الجهاد بلك بن بهرام بن أرتق بعد وفاة عمه نجم الدين إيلغازي صاحب ماردين وكان خصماً عنيداً للصليبيين وكان يتطلع للقضاء لا في منطقة الجزيرة فقط بل وفي بلاد الشام وقد استهل أعماله العسكرية أثناء مرض عمه نجم الدين إيلغازي في رجب سنة 516هـ/1122م بحصار الرها، ودخل في معمعة الجهاد ضد الصليبيين ووقع في أسره بعض ملوك الصليبيين كجوسلين وابن خالته جاليران صاحب البيرة سنة 516هـ ولم يمهل الأجل بلك بن بهرام فبينما كان يحاصر الفرنجة عند قلعة منبج وافته المنية بسهم طائش أصابه فقتله لا يدري من رماه وفقد المسلمون بمقتله رجلاً أثبتت أعماله إنه زعيم وقائد حاول جمع كلمة المسلمين في الشام والجزيرة ضد الصليبيين وكان استشهاده 518هـ.
66. ومن قادة الجهاد آق سنقر البرسقي أمير الموصل السلجوقي الذي استطاع أن يفك الحصار عن حلب من قبل الصليبيين في عام 518هـ، وقد تمّ قتل قسيم الدولة البرسقي صاحب الموصل في سنة 520هـ بمدينة الموصل قتلته الباطنية يوم جمعة بالجامع وكان يصلي مع العامة فوثب عليه بضعة عشر نفساً وجرحوه بالسكاكين، فجرح هو بيده منهم ثلاثة وقتل رحمه الله وكان تركياً خيراً يحب أهل العلم والصالحين ويرى العدل ويفعله وكان من خيرة الولاة يحافظ على الصلوات في أوقاتها ويصلي من الليل متهجداً.
67. أثبت الباطنية عداءهم الكامل لقادة الجهاد الإسلامي في ذلك العصر، وكأن خناجرهم المسمومة كانت تشق للصليبيين طريقاً نحو تثبيت أقدامهم في بلاد الشام والجزيرة على حساب المسلمين.
68. ومن فضل الله على هذه الأمة أن قائمة المجاهدين عامرة ومتأهبة للقتال في سبيل الله ففي ربيع الآخر من عام 521/ 1127م عهد السلطان محمود السلجوقي إمارة الموصل إلى عماد الدين زنكي وبظهوره على مسرح الأحداث بدأت صفحة جديدة في ميزان القوى بين المسلمين والصليبيين.