انطلقت البعثة في مسيرها الاقترابي بحذر يتقدمهم دليل من أهل المنطقة كما تذكر رواية مرسلة عن عروة1.

حتى إذا ما وصلوا بئر معونة –وهي منطقة تماس حدودية بين أراضي قبيلة بني عامر وحرة بني سليم- عسكروا بإزائها، ومن هناك بعثوا حرام بن ملحان رضي الله عنه2 أحد أفراد البعثة إلى الأعراب في مهمة استطلاعية وتمهيدية لمهمة البعثة الأساسية، وذلك بمبادرة منه تطوعية إذ قال لهم: "أتقدمكم فإن أمَّنوني حتى أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلاَّ كنتم مني قريبا"3. فتقدم نحو البيوت بعد أن أمَّنوه حيث وجه خطابه لهم –كما وقع في رواية عن أنس رضي الله عنه فيها بعض الضعف4 "يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم أني أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فآمنوا بالله ورسوله"5.

ولكن الأعراب كانوا أشدَّ كفرا ونفاقا وغدرا، فتنفيذا لخطة التآمر الدنيئة التي دبروها مع قائدهم عامر بن الطفيل العامري، وبينما حرام "يحدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أومأوا إلى رجل منهم فطعنه فأنفذه"6، وفي منظر رائع لا يتصوره العقل البشري المجرَّد عن الإيمان، تتحقق إحدى معجزات النبي صلى الله عليه وسلم7، فما أن وجد الرجل مسَّ الرمح في جوفه حتى صاح وهو ينضح ماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015