الهاء والميم والباقون بكسر الهاء وضم الميم. تنبيه: أولئك مبتدأ وخبره يبتغون ويكون الموصول نعتاً أو بياناً أو بدلاً، والمراد باسم الإشارة الأنبياء أو الملائكة الذين عبدوا من دون الله والمراد بالواو والعباد لهم، ويكون العائد على الذين محذوفاً أو المعنى أولئك الأنبياء الذين يدعونهم المشركون لكشف ضرّهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة {أيهم أقرب} أي: يتسابقون بالأعمال مسابقة من يطلب كل منهم أن يكون إليه أقرب ولديه أفضل {ويرجون رحمته} رغبة فيما عنده {ويخافون عذابه} فهم كغيرهم موصوفون بالعجز والحاجة فكيف يدعونهم آلهة، وقيل معناه أن الكفار ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به. ثم علل خوفهم بأمر عامّ بقوله تعالى: {أنّ عذاب ربك} أي: المحسن إليك برفع انتقام الاستئصال منه عن أمّتك {كان} أي: كوناً لازماً {محذوراً} جديراً بأن يحذر لكل أحد من ملك مقرب ونبي مرسل، فضلاً عن غيرهم لما شوهد من إهلاكه للقرون الماضية ولما قال تعالى: {إنّ عذاب ربك كان محذوراً} بين بقوله تعالى:

{وإن} أي: وما {من قرية إلا ونحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً} إنَّ كل قرية، أي: أهلها لابد وأن يرجع حالهم إلى أحد أمرين: إما الإهلاك بالموت والإستئصال، وإمّا العذاب بالقتل وأنواع البلاء. وقال مقاتل: أمّا الصالحة فبالموت وأمّا الطالحة فبالعذاب. وقال عبد الله بن مسعود: إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله تعالى في هلاكها. {كان ذلك} أي: الأمر العظيم {في الكتاب} أي: اللوح المحفوظ {مسطوراً} أي: مكتوباً. قال عبادة بن الصامت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ أول ما خلق الله القلم فقال اكتب فقال وما أكتب قال: القدر ما كان وما هو كائن إلى أبد الأبد» أخرجه الترمذي. ولما كان كفار قريش قد تكرر اقتراحهم للآيات وكان صلى الله عليه وسلم لشدة حرصه على إيمان كل أحد يحب أن الله تعالى يجيبهم إلى مقترحهم طمعاً في إيمانهم فأجاب الله تعالى بقوله:

{وما منعنا} أي: على ما لنا من العظمة التي لا يعجزها شيء ولا يمنعها مانع {أن نرسل بالآيات} أي: التي اقترحوها كما حكى الله تعالى عنهم ذلك في قولهم {فأتنا بآية كما أرسل الأوّلون} (الأنبياء، 5)

وقال آخرون {لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً} (الإسراء، 90)

الآيات. وقال سعيد بن جبير: أنهم قالوا إنك تزعم أنه كان قبلك أنبياء منهم من سخرت له الريح ومنهم من أحيا الموتى فأتنا بشيء من هذه المعجزات فكان كأنه لا آيات عندهم سوى ذلك {إلا} علمنا في عالم الشهادة بما وقع من {أن كذب بها} أي: المقترحات {الأولون} وعلمنا في عالم الغيب أنّ هؤلاء مثل الأوّلين أن الشقّي منهم لا يؤمن بالمقترحات كما لم يؤمن بغيرها وأنه يقول فيها ما قال في غيرها من أنها سحر ونحو ذلك، والسعيد لا يحتاج في إيمانه إليها فكم أجبنا أمّة إلى مقترحها فما زاد ذلك أهل الضلالة منهم إلا كفراً فأخذناهم لأنّ سنتنا جرت أنَّا لا نمهل بعد الإجابة إلى المقترحات من كذب بها. قال ابن عباس: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً وأن ينحي الجبال عنهم ليزرعوا تلك الأراضي فطلب صلى الله عليه وسلم ذلك من الله تعالى فأوحى الله تعالى إليه إن شئت فعلت ذلك لكن بشرط إن لم يؤمنوا أهلكتهم فقال صلى الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015