الأرض السفلى فكيف تكون في السماء؟ أجيب: بأنه يحتمل أنّ أرواح الكفار تعرض على آدم عليه السلام وهو في السماء فوافق وقت عرضها على آدم مرور النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبر بما رأى.

وقوله: إذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى، ففيه شفقة الوالد على أولاده وسروره وفرحه بحسن حال المؤمن منهم وحزنه على حال الكافر منهم وقوله في إدريس مرحباً بالأخ الصالح والنبيّ الصالح، قد اتفق المؤرخون أنه هو أخنوخ جدّ نوح فيكون جدّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كما أنّ إبراهيم جدّه فكان ينبغي أن يقول بالنبيّ الصالح والابن الصالح كما قال آدم وإبراهيم؟ وأجيب: بأنه قيل إنّ إدريس المذكور هنا هو إلياس وهو من ذرية إبراهيم فليس هو جدّ نوح قاله القاضي عياض. وقال النووي: ليس في هذا الحديث ما يمنع كون إدريس أباً لنبينا صلى الله عليه وسلم وأنّ قوله: الأخ الصالح يحتمل أن يكون قاله تلطفاً وتأدّباً وهو أخ وإن كان ابناً لأنّ الأنبياء إخوة والمؤمنون إخوة انتهى. وإنما أطلت في بيان ذلك لأنّ الكلام مع الأحبة يحلو ولولا خوف الملل ما اقتصرت على ذلك. فقد قال بعض المفسرين لا أعلم في الكتاب العزيز سورة تضمنت من خصائصه التي فضل بها كافة الأنبياء ما تضمنته هذه السورة ولكن في هذا القدر كفاية لأولي الألباب. ولما ثبت بهذه الخارقة ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن نفسه المقدّسة من عظيم القدرة وما جاءه صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات في هذا الوقت اليسير أتبعه ما منح في السير من مصر إلى الأرض المقدّسة من الآيات في مدد طوال موسى عليه الصلاة والسلام الذي كان أعظم الأنبياء بركة على هذه الأمّة ليلة الإسراء لما أرشد النبيّ صلى الله عليه وسلم إليه من مراجعة الله تعالى في

تخفيف

الصلاة حتى رجعت من خمسين إلى خمس مع أجر خمسين فقال: {وآتينا} أي: بعظمتنا {موسى الكتاب} أي: التوراة {وجعلناه} أي: الكتاب بما لنا من العظمة {هدى لبني إسرائيل} بالحمل على العدل في التوحيد والأحكام وأسرينا بموسى عليه السلام وبقومه من مصر إلى بلاد المسجد الأقصى، فأقاموا سائرين إليها أربعين سنة ولم يصلوا ومات كل من خرج إلا المتقين الموفين بالعهد فقد بان الفضل بين الإسراءين كما بان الفضل بين الكتابين، فذكر الإسراء أوّلاً دليل على حذف مثله أوّلاً فالآية من الاحتباك ثم نبه على أنّ المراد من ذلك كلمة التوحيد اعتقاداً وعبادة بقوله تعالى: {أنّ لا} أي: لئلا {يتخذوا} على قراءة أبي عمرو بالياء على الغيبة، وقرأ غيره بالتاء على أن لا تتخذوا كقولك كتبت إليه أن أفعل كذا. {من دوني وكيلاً} أي: ربا تكلون إليه أموركم، وذلك هو التوحيد فلا معراج أعلى ولا درجة أشرف ولا نعمة أعظم من أن يصير المرء غريقاً في بحر التوحيد وأن لا يعوّل في أمر من الأمور إلا على الله تعالى، فإن نطق نطق بذكر الله، وإن تفكر تفكر في دلائل تنزيه الله وإن طلب طلب من الله، فيكون كله لله وبالله وإلى الله. وقوله تعالى:

{ذرية} نصب على الاختصاص في قراءة أبي عمرو وعلى النداء عند الباقين أي: يا ذرّية {من حملنا} أي: في السفينة بعظمتنا على ظهر ذلك الماء الذي طبق ما تحت أديم السماء ونبه تعالى على شرفهم وتمام نعمتهم بقوله تعالى: {مع نوح} ففي ذلك تذكير بإنعام الله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015