إلى النار وبعمل أهل النار يعملون، فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ الله تعالى إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار» وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما خلق الله تعالى آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذرّيته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان وبيصاً من نور، وعرضهم على آدم فقال: أي رب، من هؤلاء؟ قال: ذرّيتك، فرأى رجلاً منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: يا رب من هذا؟ قال: داود، قال: يا رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: يا رب زده من عمري أربعين سنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انقضى عمر آدم إلا أربعين سنة جاءه ملك الموت، فقال آدم: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟ فجحد آدم فجحدت ذرّيته، ونسي آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذرّيته، وخطىء فخطئت ذرّيته» أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أبصر آدم في ذرّيته قوماً لهم نور، فقال: يا رب من هم؟ فقال: الأنبياء، ورأى واحداً هو أشدّهم نوراً، فقال: يا رب من هو؟ قال: داود، قال: فكم عمره؟ قال: ستون سنة، قال آدم: هو قليل، وكان عمر آدم ألف سنة، فقال: يا رب زده من عمري أربعين سنة، فلما تم عمر آدم تسعمائة وستين سنة أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فقال: بقي من أجلي أربعون سنة، فقال: ألست قد وهبتها من ابنك داود؟ فقال: ما كنت لأجعل لأحد من أجلي شيئاً، فعند ذلك كتب لكل نفس أجلها» .
وعن مقاتل أنّ الله تعالى مسح صفحة ظهر آدم اليمنى، فخرج منه ذرّية بيض كهيئة الذرّ تتحرك، ثم مسح صفحة ظهره اليسرى، فخرج منه ذرّية سود كهيئة الذرّ، فقال: يا آدم هؤلاء ذرّيتك، ثم قال لهم: ألست بربكم، قالوا: بلى، فقال للبيض: هؤلاء في الجنة برحمتي، وهم أصحاب اليمين، وقال للسود: هؤلاء في النار، ولا أبالي، وهم أصحاب الشمال وأصحاب المشأمة، ثم أعادهم جميعاً في صلب آدم، فأهل القبور محبوسون حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء، وقال تعالى فيمن نقض العهد الأوّل {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} (الأعراف، 102)
وقال بعض المفسرين: إنّ أهل السعادة أقروا طوعاً، وقالوا: بلى، وأهل الشقاوة قالوا بغتة وكرهاً، وذلك معنى قوله تعالى: {وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً} (آل عمران، 83)
واختلفوا في موضع الميثاق، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ببطن نعمان، وهو واد إلى جنب عرفة، وعنه أيضاً أنه بدهناء من أرض الهند، وهو الموضع الذي أهبط فيه آدم عليه السلام، وقال الكلبي: بين مكة والطائف.
فإن قيل: ما معنى قوله تعالى:
{وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم} وإنما أخرجه من ظهر آدم؟ أجيب: بأن الله تعالى أخرج ذرّية آدم بعضهم من ظهور بعض على ما يتوالدون فالأبناء من الآباء في الترتيب، فاستغنى عن ذكر ظهر آدم لما علم أنهم كلهم بنوه وأخرجوا من ظهره، فالمخرج من ظهورهم مخرج من ظهره.
وقوله: {شهدنا} أي: على أنفسنا بذلك وإنما أشهدهم على أنفسهم كراهة {أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا} التوحيد {غافلين} أي: لعدم الأدلة، فلذلك أشركنا، وقوله تعالى:
{أو يقولوا} أي: