الدعاء.
*لعل الله يمنحنا غماما
والغمام هنا المطر.
*فيسقي أرض عاد إن عاداً ... قد أمسوا لا يبينون الكلاما*
*من العطش الشديد فليس نرجو ... به الشيخ الكبير ولا الغلاما*
فلما غنتا به أزعجهم ذلك وقالوا: إن قومكم يتغوثون من البلاء الذي نزل بهم وقد أبطأتم عليهم فادخلوا الحرم واستسقوا لقومكم فقال لهم مرثد بن سعد: والله لا تسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وتبتم إلى الله تعالى سقاكم وأظهر إسلامه فقالوا لمعاوية: احبس عنا مرثداً لا يقدمنّ معنا مكة فإنه قد اتبع دين هود وترك ديننا ثم دخلوا مكة فقال قيل: اللهمّ اسق عاداً ما كنت تسقيهم فأنشأ الله تعالى سحابات ثلاثاً بيضاء وحمراء وسوداء ثم ناداه مناد من السماء: يا قيل اختر لنفسك ولقومك فقال: اخترت السوداء فإنها أكثر ماء فخرجت على عاد من واد لهم يقال له: المغيث فاستبشروا به وقالوا: هذا عارض ممطرنا فجاءتهم منها ريح عقيم فأهلكتهم ونجا هود ومن معه من المؤمنين وأتوا مكة فعبدوا الله فيها حتى ماتوا.
يروى أنّ النبيّ من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إذا هلك قومه هاجر والصالحون معه إلى مكة يعبدون الله تعالى فيها حتى يموتوا، وروي عن عليّ رضي الله تعالى عنه أن قبر هود بحضرموت في كثيب أحمر. وقال عبد الرحمن بن سابط: بين الركن والمقام وزمزم قبر تسعة وتسعين نبياً وأن قبر هود وصالح وشعيب وإسماعيل في تلك البقعة.
{وإلى ثمود} أي: وأرسلنا إلى ثمود قبيلة أخرى من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر وهو ثمود بن عابر بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام، وقيل: سموا به لقلة مائهم من الثمد وهو الماء القليل وكان مسكنهم الحجر وهو بكسر الحاء موضع بين الحجاز والشام إلى وادي القرى واتفق القرّاء السبعة هنا على عدم صرف ثمود مراداً به القبيلة وقرىء مصروفاً في غير هذه السورة بتأويل الحيّ أو باعتبار الأصل وهو أنه اسم لأبيهم الأكبر أو للماء القليل {أخاهم صالحاً} أي: أخاهم في النسب لا في الدين وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود {قال} لهم صالح حين أرسله الله تعالى إليهم {يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره} أي: فلا يستحق أن يعبد سواه {قد جاءتكم بينة من ربكم} أي: معجزة ظاهرة الدلالة على صحة نبوّتي وصدق ما أقول وأدعو إليه من عبادة الله تعالى ثم فسر تلك البينة بقوله: {هذه ناقة الله لكم آية} أي: علامة على صدقي أو آية نصبت على الحال عاملها ما دل عليه اسم الإشارة من معنى الفعل كأنه قال: أشير إليها آية ولكم بيان لمن هي له آية موجبة عليه الإيمان خاصة وهم ثمود لأنهم عاينوها وسائر الناس أخبروا وليس الخبر كالمعاينة كأنه قال لكم خصوصاً وإنما أضيفت إلى الله تعالى تعظيماً لها وتفخيماً لشأنها كما يقال: بيت الله ولأنها جاءت من عند الله تعالى بلا وسائط وأسباب معهودة ولذلك كانت آية {فذروها} أي: أتركوها {تأكل في أرض الله} أي: العشب فليست الأرض لكم ولا ما فيها من النبات إنباتكم {ولا تمسوها بسوء} أي: بشيء من أنواع الأذى لا بعقر ولا بغيره وقوله: {فيأخذكم عذاب أليم} أي: بسبب أذاها جواب النهي.
{واذكروا إذ جعلكم خلفاء} في الأرض {من بعد عاد} أي: