في النار {وليلبسوا} أي: وليخلطوا {عليهم دينهم} قال ابن عباس: ليدخلوا عليهم الشك في دينهم وكان على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام فوضعوا لهم هذه الأصنام وزينوها لهم {ولو شاء الله} عصمة هؤلاء من ذلك القبيح الذي زين لهم {ما فعلوه} فجميع الأشياء بمشيئته وإرادته {فذرهم} أي: اتركهم يا محمد {وما يفترون} أي: وما يختلقون من الكذب على الله فإن الله لهم بالمرصاد، وفي ذلك تهديد لهم كما مرّ.
أي: المشركون سفهاً وجهلاً {هذه} إشارة إلى قطعة من أموالهم عينوها لآلهتهم {أنعام وحرث حجر} أي: حرام محجور عليه لا يصل أحد إليه وهو وصف يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات {لا يطعمها} أي: لا يأكل منها {إلا من نشاء} أي: من خدمة الأوثان والرجال دون النساء {بزعمهم} أي: لا حجة لهم فيه {وأنعام حرمت ظهورها} أي: فلا يركبونها كالبحائر والسوائب والحوامي {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} أي: عند ذبحها وإنما كانوا يذكرون عليها اسم الأصنام، وقيل: لا يحجون عليها ولا يركبونها لفعل خير لأنّ العادة لما جرت بذكر الله على الخير ذم هؤلاء على ترك فعل الخير ونسبوا ما فعلوه إلى الله تعالى {افتراء عليه} أي: اختلافاً وكذباً إنه أمرهم بها {سيجزيهم} أي: بوعد صادق لا خلف فيه {بما} أي: بسبب ما {كانوا يفترون} .u
{وقالوا ما في بطون هذه الأنعام} أي: أجنة البحائر والسوائب وقوله تعالى: {خالصة} حلال {لذكرونا} أي: خاصة بهم دون الإناث كما قال تعالى: {ومحرم على أزواجنا} أي: النساء، وحذف الهاء من محرم إما حملاً على اللفظ أو تخفيفاً لأنّ المراد بخالصة المبالغة {وإن يكن} أي: ما في بطونها {ميتة فهم فيه شركاء} أي: الذكور والإناث فيه سواء أي: أنّ ما ولد منها حياً فهو للذكور دون الإناث وما ولد منها ميتاً أكله الذكور والإناث جميعاً، وقرأ ابن عامر وشعبة بالتأنيث في تكن والباقون بالتذكير، وقرأ ابن كثير وابن عامر ميتة بالرفع على أنّ تكن تامة والباقون بالنصب على أنها ناقصة {سيجزيهم} الله {وصفهم} أي: سيكافئهم على وصفهم بالكذب على الله تعالى بالتحليل والتحريم {إنه} أي: الله {حكيم} في صنعه {عليم} بخلقه.
{قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً} أي: جهلاً {بغير علم} نزلت في ربيعة ومضر وبعض من العرب من غيرهم كانوا يدفنون البنات أحياء مخافة السبي والفقر، وكان بنو كنانة لا يفعلون ذلك وسبب حصول هذه السفاهة هو قلة العلم بل عدمه بأنّ الله هو رازق أولادهم لا هم لأنّ الجهل كان غالباً عليهم قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا سموا جاهلية، وسبب هذا الخسران أنّ الولد نعمة عظيمة أنعم الله تعالى بها على الوالد فإذا تسبب في إزالة هذه النعمة وإبطالها فقد استوجب الذم وخسر في الدنيا والآخرة، أما خسارته في الدنيا فقد سعى في نقص عدده وإزالة ما أنعم الله تعالى به عليه وأما خسارته في الآخرة فقد استوجب بذلك العذاب العظيم، وقرأ أبو عمرو وابن عامر بتشديد التاء والباقون بالتخفيف {وحرموا ما رزقهم الله} وتفضل به عليهم رحمة لهم من تلك الأنعام والغلات بغير شرع ولا نفع بوجه {افتراء} أي: تعمداً للكذب {على الله} وهذا أيضاً من أعظم الجهالة لأنّ الجراءة على الله والكذب عليه من أعظم الذنوب والكبائر ولهذا قال تعالى: {قد ضلوا} أي: في فعلهم عن