بفتحهما فقيل: هو اسم جمع لعمود، وقيل: بل هو جمع له. قال الفراء: كأديم وأدم. وقال أبو عبيدة: هو جمع عماد. {ممددة} أي: معترضة كأنها موضوعة على الأرض في غاية المكنة فلا يستطيع الموثوق بها على نوع حيلة في أمرها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ الله يبعث عليهم ملائكة بأطباق من نار ومسامير من نار، وعمد من نار، فيطبق عليهم بتلك الأطباق، وتسدّ بتلك المسامير، وتمدّ بتلك العمد فلا يبقى فيها خلل يدخل منه روح ولا يخرج منه غم فيكون كلامهم فيها زفيراً وشهيقاً» .
وقال قتادة: عمد تعذبون بها، واختاره الطبريّ. وقال ابن عباس: إنّ العمد الممدّدة أغلال في أعناقهم. وقال أبو صالح قيود في أرجلهم. وقال القشيري: العمد أوتاد الأطباق. وقيل: المعنى في دهور ممدودة لا انقطاع لها. وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة الهمزة أعطاه الله عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه» حديث موضوع.
سورة الفيل مكية
وهي خمس آيات وعشرون كلمة وستة وتسعون حرفاً
{بسم الله} الذي قدّر به في كل شيء عاملة {الرحمن} الذي له النعمة الشاملة {الرحيم} الذي يخص أهل الاصطفاء بالنعمة الكاملة:
وقوله تعالى: {ألم تر} استفهام تعجب، أي: أعجب {كيف فعل ربك} أي: المحسن إليك {بأصحاب الفيل} فهو خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم وهو وإن لم يشهد تلك الواقعة لكن شاهد آثارها وسمع بالتواتر أخبارها فكأنه رآها، وإنما قال تعالى: كيف لأن المراد ذكر ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله وقدرته وعزة بيته، وشرف رسوله صلى الله عليه وسلم وكانت قصة الفيل ما روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس، وأراد أن يصرف إليها الحاج، وكتب إلى النجاشي إني قد بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها، ولست منتهياً حتى أصرف إليها حج العرب فسمع بذلك رجل من بني مالك بن كنانة، فخرج إليها فدخلها ليلاً فقعد فيها ولطخ بالعذرة قبلتها، فبلغ ذلك أبرهة فقال: من أجترأ علييّ فقيل: صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت سمع الذي قلت، فحلف أبرهة عند ذلك ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها فكتب إلى النجاشي يخبره بذلك، وسأله أن يبعث إليه بفيله، وكان له فيل يقال له محمود، وكان فيلاً لم ير مثله عظماً وجسماً وقوّة فبعث به إليه فخرج أبرهة في الحبشة سائراً إلى مكة، وخرج معه بالفيل واثنى عشر فيلاً غيره، وقيل: ثمانية عشر، وقيل: كان معه ألف فيل.
وقيل: كان وحده، فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقاً عليهم فخرج ملك من ملوك اليمن يقال له ذونفر بمن أطاعه من قومه فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ ذانفر، فقال له: أيها الملك استبقني فإن استبقائي خير لك من قتلي فاستبقاه فأوثقه، وكان أبرهة رجلاً حليماً. ثم سار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج له نفيل بن حبيب الخثعمي في خثعم، ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن فقاتلوه فهزمهم وأخذ نفيلاً، فقال نفيل: أيها الملك إني دليل بأرض العرب وهاتان