أو ذمّ منصوب أو مرفوع. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بتشديد الميم على المبالغة والتكثير ولأنه يوافق قوله تعالى: {وعدّده} والباقون بتخفيفها، وهي محتملة للتكثير وعدمه، ومعنى عدّده: أحصاه وجعله للحوادث. وقال الضحاك: أعدّ ماله لمن يرثه من أولاده، وقيل: فاخر بعدده وكثرته: والمقصود الذم على إمساك المال عن سبيل الطاعة كقوله تعالى:
{مناع للخير} (ص: 5)
وقوله تعالى: {جمع فأوعى} (المعراج: 18)
{يحسب} أي: يظنّ لجهله {أنّ ماله أخلده} أي: أوصله إلى رتبة الخلد في الدنيا فيصير خالداً فيها لا يموت، أو يعمل من تشييد البنيان الموثق بالصخر والآجر وغرس الأشجار وعمارة الأرض عمل من يظنّ أنّ ماله أبقاه حياً، أو هو تعريض بالعمل الصالح، أو أنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم، فأمّا المال فما أخلد أحداً فيه. وروي أنه كان للأخنس أربعة آلاف دينار، وقيل: عشرة آلاف دينار. وعن الحسن: أنه عاد موسراً فقال: ما تقول في ألوف لم أفتد بها من لئيم ولا تفضلت بها على كريم؟ قال: لماذا؟ قال: لنبوة الزمان، وجفوة السلطان ونوائب الدهر، ومخافة الفقر. قال: إذاً تدعه لمن لا يحمدك، وترد على من لا يعذرك. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين، والباقون بكسرها.
وقوله تعالى: {كلا} ردع له عن حسبانه، وقيل: معناه حقاً. وقوله تعالى: {لينبذنّ} جواب قسم محذوف، أي: ليطرحن بعد موته {في الحطمة} أي: الطبقة من جهنم التي شأنها أن تحطم، أي: تكسر بشدّة وعنف كل ما طرح فيها يكون أخسر الخاسرين ويقال للرجل الأكول: إنه لحطمة.
{وما أدراك} أي: وأيّ شيء أعلمك، ولو بمحاولة منك للعلم واجتهاد في التعرف مع كونك أعلم الحكماء {ما الحطمة} أي: الدركة النارية التي سميت هذا الاسم بهذه الخاصة، وإنه ليس في الوجود الذي شاهدتموه ما يقاربها ليكون مثالاً لها، ثم فسرها بقوله تعالى:
{نار الله} أي: الملك الأعظم الذي له الملك كله {الموقدة} أي: التي وجد وتحتم إيقاده، ومن الذي يطيق محاولة ما أوقد فهي لا يزال لها هذا الاسم ثابتاً.
روى أبو هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: «أوقد على النار ألف سنة حتى احمرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودّت فهي سوداء مظلمة» .
{التي تطلع} أي: إطلاعاً شديداً {على الأفئدة} جمع فؤاد وهو القلب الذي يكاد يحترق من شدّة ذكائه فكان ينبغي أن يجعل ذكاءه في أسباب الخلاص، وإطلاعها عليه بأن تعلو وسطه وتشتمل عليه اشتمالاً بليغاً سُمِّيَ بذلك لشدّة توقدّه وخُصَّ لأنه ألطف ما في البدن وأشدّ تألماً بأدنى شيء من الأذى، ولأنه منشأ العقائد الفاسدة، ومعدن حبّ المال الذي هو منشأ حبّ الفساد والضلال، وعنه تصدر الأفعال القبيحة. وقيل: معنى {تطلع على الأفئدة} أي: تعمل ما يستحقه كل واحد منهم من العذاب يقال: اطلع على كذا، أي: علمه.
ثم أشار إلى خلودهم فيهابقوله تعالى مؤكداً لأنهم يكذبون بها:
{إنها عليهم مؤصدة} قال الحسن: مطبقة، أي: بغاية الضيق. وقال مجاهد: مغلقة بلغة قريش، يقال: أصدت الباب، أي: أغلقته ومنه قول عبد الله بن قيس:
*إنّ في القصر لو دخلنا غزالاً ... مفتناً مؤصداً عليه الحجاب*
ثم بين حال عذابهم بقوله تعالى:
{في} أي: في حال كونهم موثوقين في {عمد} قرأ حمزة والكسائي وشعبة بضم العين والميم جمع عمود نحو رسول ورسل، وقيل: جمع عماد ككتاب وكتب، والباقون