عنهما: على صاحبك وجسدك. وقال الحسن: إلى ثواب ربك. {راضية} ، أي: بما أوتيته {مرضية} ، أي: عند الله تعالى بعملك، أي: جامعة بين الوصفين لأنه لا يلزم من أحدهما الآخر، وهما حالان. قال القفال: هذا وإن كان أمراً في الظاهرة فهو خبر في المعنى، والتقدير: أنّ النفس إذا كانت مطمئنة رجعت إلى الله تعالى في القيامة بسبب هذا الأمر.
{فادخلي في} ، أي: في جملة {عبادي} ، أي: الصالحين والوافدين عليّ الذين هم أهل الإضافة إليّ، أو في أجساد عبادي التي خرجت في الدنيا منها.
{وادخلي جنتي} ، أي: معهم، هي جنة عدن وهي أعلى الجنان ويجيء الأمر بمعنى الخبر كثيراً في كلامهم كقولهم إذا لم تستح فاصنع ما شئت. وقال سعيد بن زيد: «قرأ رجل عند النبيّ صلى الله عليه وسلم هذه الاية فقال أبو بكر: ما أحسن هذا يا رسول الله فقال له: إنّ الملك سيقوله لك يا أبا بكر» . وقال سعيد بن جبير: مات ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالطائف فجاء طائر لم ير على خلقه طائر قط فدخل نعشه لم ير خارجاً منه فلما دفن تليت هذه الاية على شفير القبر لا يدرى من تلاها {يا أيتها النفس} الآية. وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان حين وقف بئر رومة وقيل: في خبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه إلى المدينة، فقال: اللهمّ إن كان لي عندك خير فحوّل وجهي نحو قبلتك، فحوّل الله تعالى وجهه نحوها فلم يستطع أحد أن يحوّله. وقيل: نزلت في حمزة بن عبد المطلب. قال الزمخشري: والظاهر العموم. وقول البيضاوي تبعاً له أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الفجر في الليالي العشر غفر له ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نوراً يوم القيامة» حديث موضوع.
مكية
وهي عشرون آية واثنان وثمانون كلمة وثلاثمائة وعشرون حرفاً
{بسم الله} الملك الذي لا راد لأمره {الرحمن} الذي عم سائر خلقه بفضله {الرحيم} الذي خص أهل طاعته بجنته.
واختلف في لا في قوله تعالى: {لا أقسم} فقال الأخفش: إنها مزيدة، أي: أقسم كما تقدّم في قوله تعالى: {لا أقسم بيوم القيامة} (القيامة: 1)
وقد أقسم به سبحانه وتعالى. قال الشاعر: { {
*تذكرت ليلى فاعترتني صبابة ... وكاد صميم القلب لا يتقطع*
أي: يتقطع، ودخل حرف لا صلة، وكقوله تعالى: {ما منعك أن لا تسجد} (الأعراف: 12)
وقد قال تعالى في ص: {ما منعك أن تسجد} وأجاز الأخفش أيضاً أن تكون بمعنى إلا. وقيل: هي نفي صحيح، والمعنى: لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه، حكاه مكي. وأجمعوا على أن المراد بالبلد في قوله تعالى: {بهذا البلد} ، أي: الحرام وهو مكة، وفضلها معروف فإنه تعالى جعلها حرماً آمناً. وقال تعالى: {ومن دخله كان آمناً} (آل عمران: 97)
وجعل مسجده قبلة لأهل المشرق والمغرب. فقال تعالى: {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} (البقرة: 144)
وأمر الناس بحج البيت فقال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع} (آل عمران: 97)
وقال تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً} (البقرة: 125)
وقال تعالى: {وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت} (الحج: و26)
وقال تعالى: {وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} (الحج: 27)
وشرف مقام إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى {واتخذوا من