الآية. وأما قوله تعالى:
{وأكيد} أي: أنا بإتمام اقتداري {كيداً} فاختلف فيه أيضاً، فقيل: معناه أجازيهم جزاء كيدهم، وقيل: هو ما أوقع الله تعالى بهم يوم بدر من القتل والأسر، وقيل: استدراجهم من حيث لا يعلمون، وقيل: كيد الله تعالى لهم بنصره وإعلاء درجته تسمية لأحد المتقابلين باسم الآخر لقوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (الشورى: 40)
. وقول الشاعر:
*ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا*
وكقوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم} (التوبة: 67)
{يخادعون الله وهو خادعهم} (النساء: 142)
ولما كان هذا معلماً بأنهم عدم لا اعتبار بهم، قال تعالى مسبباً عنه تهديداً لهم {فمهل الكافرين} أي: فمهل يا أشرف الخلق هؤلاء البعداء، ولا تستعجل بالانتقام ولا بالدعاء عليهم بإهلاكهم فإنا لا نعجل لأنّ العجلة وهي إيقاع الشيء في غير وقته الأليق به نقص. وقوله تعالى: {أمهلهم} تأكيد حسنه مخالفة اللفظ، أي: أنظرهم {رويداً} أي: قليلاً، وهو مصدر مؤكد لمعنى العامل مصغر، روداً وأرواداً على الترخيم، وقد أخذهم الله تعالى ببدر ونسخ الإمهال بالأمر بالجهاد والقتال.
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الطارق أعطاه الله تعالى بعدد كل نجم في السماء عشر حسنات» حديث موضوع.
سورة الأعلى مكية
في قول الجمهور وقال الضحاك مدنية، قال النووي: وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يحيها لكثرة مااشتملت عليه من العلوم والخبرات، وهي تسع عشرة آية واثنتان وسبعون كلمة ومائتان وأربعة وثمانون حرفاً.
{بسم الله} عالم الغيب فلا تخفى عليه خافية {الرحمن} الذي عمّ جوده كل أنس وجنّ وملك ودابة {الرحيم} الذي خص أولياءه بمعرفتهم إحسانه.
واختلف في قوله سبحانه وتعالى: {سبح اسم ربك} فالأكثرون على أن المعنى: نزه ربك المحسن إليك بعد إيجادك على صفة الكمال عما لا يليق به، فاسم زائد، كقول لبيد:
* ... إلى الحول ثم اسم السلام عليكما*
وقيل: عَظِّمْ ربك {الأعلى} والاسم زائد كما مرّ، قصد به تعظيم المسمى، وذكر الطبري أن المعنى: نزه اسم ربك الأعلى عن أن تسمي به أحداً سواه. وقيل: نزه تسمية ربك وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم لذكره وقال الرازي: معنى {سبح اسم ربك الأعلى} أي: نزِّهْهُ عن كل ما لا يليق به في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه. أما في ذاته فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض، وأما في صفاته فأن تعتقد أنها ليست محدثة ولا متناهيةٌ ولا ناقصة، وأما في أفعاله فأن تعتقد أنه سبحانه مالك مطلق لا اعتراض لأحد عليه في أمر من الأمور، وأما في أسمائه فأن لا تذكره سبحانه إلا بالأسماء التي لا توهم نقصاً بوجهٍ من الوجوه، سواءٌ ورد الإذن فيها أم لم يرد، وأما في أحكامه سبحانه فأن تعلم أنه ما كلفنا لنفع يعود إليه بل لمحض المالكية. قال البغوي: ويحتج بهذا من يجعل الاسم والمسمى واحد، لأنّ أحداً لا يقول سبحان الله. وسبحان اسم ربنا إنما يقول: سبحان الله وسبحان ربنا. فكان معنى: {سبح اسم