سورة الانشقاق

مكية

وهي ثلاث أو خمس وعشرون آية ومائةوسبع كلمات وأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفاً

{بسم الله} الذي شقق الأرض بالنبات {الرحمن} الذي عمّ جوده أهل الأرض والسموات {الرحيم} الذي خص أهل طاعته بالجنات.

وقوله تعالى: {إذا السماء} أي: على ما لها من الأحكام والعظمة {انشقت} كقوله تعالى: {إذا الشمس كوّرت} (التكوير: 1) { {

في إضمار الفعل وعدمه، وفي إذا هذه احتمالان: أحدهما: أن تكون شرطية، والثاني: أن تكون غير شرطية. فعلى الأوّل في جوابها أوجه: أحدها: أنه محذوف ليذهب المقدر كل مذهب، أو اكتفاء بما علم في مثلها من سورتي التكوير والانفطار، وهو قوله تعالى: {علمت نفس} (الإنفطار: 5، وسورة التكوير: 14)

والثاني: جوابها ما دل عليه {فملاقيه} الثالث: أنه {يا أيها الإنسان} على حذف الفاء وعلى كونها غير شرطية فهي مبتدأ، وخبرها إذا الثانية والواو مزيدة، تقديره: وقت انشقاق السماء وقت مدّ الأرض، أي: يقع الأمران في وقت. قاله الأخفش. وقيل: إنه منصوب مفعولاً به بإضمار اذكر انشقاقها بالغمام، وهو من علامات القيامة كقوله تعالى: {ويوم تشقق السماء بالغمام} (الفرقان: 25)

وعن عليّ تنشق من المجرّة. قال ابن الأثير: المجرّة هي البياض المعترض في السماء والسراب من جانبها.

{وأذنت} أي: سمعت وأطاعت في الانشقاق {لربها} أي: لتأثير قدرته حين أراد انشقاقها انقياد المطواع الذي ورد عليه الأمر من جهة المطاع، فأنصت له وأذعن ولم يأب ولم يمتنع، كقوله: {أتينا طائعين} (فصلت: 110)

{وحقت} أي: حق لها أن تسمع وتطيع بأن تنقاد ولا تمتنع. يقال: حق بكذا فهو محقوق وحقيق.

{وإذا الأرض} أي: على ما لها من الصلابة {مدّت} أي: زيد في سعتها كمدّ الأديم ولم يبق عليها بناء ولا جبل، كما قال تعالى: {قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمّتا} (طه: 106 ـ 107)

وعن ابن عباس مدّت مدّ الأديم العكاظيّ لأنّ الأديم إذا مدّ زال كل انثناء فيه وأمت واستوى.

{وألقت} أي: أخرجت {ما فيها} من الكنوز والموتى كقوله تعالى: {وأخرجت الأرض أثقالها} (الزلزلة: 21)

. {وتخلت} أي: خلت منها حتى لم يبق في بطنها شيء، وذلك يؤذن بعظم الأمر كما تلقي الحامل ما في بطنها عند الشدّة، ووصفت الأرض بذلك توسعاً وإلا فالتحقيق أنّ الله تعالى هو المخرج لتلك الأشياء من الأرض.

وقوله تعالى: {وأذنت لربها وحقت} تقدّم تفسيره، وهذا ليس بتكرار لأنّ الأول في السماء وهذا في الأرض، وتقدّم جواب إذا. ومن جملة ما قيل فيه: وما عطف عليه أنه محذوف دل عليه ما بعده، تقديره: لقي الإنسان عمله وذلك كله يوم القيامة. واختلف في الإنسان في قوله تعالى:

{يا أيها الإنسان} أي: الآنس بنفسه الناسي لأمر ربه {إنك كادح} فقيل: المراد جنس الإنسان كقولك: يا أيها الرجل، فكأنه خطاب خص به أحد من الناس. قال القفال: وهو أبلغ من العموم؛ لأنه قائم مقام التنصيص على مخاطبة كل واحد منهم على التعيين بخلاف اللفظ العامّ. وقيل: المراد منه رجل بعينه، فقيل: هو محمد صلى الله عليه وسلم والمعنى: إنك كادح في إبلاغ رسالات الله تعالى وإرشاد عباده وتحمل الضرر من الكفار، فأبشر فإنك تلقى الله تعالى بهذا العمل. وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015