عنها بغائبين} .
وروي أن سليمان بن عبد الملك قال لأبي حازم المدني: ليت شعري ما لنا عند الله، قال: اعرض عملك على كتاب الله تعالى، فإنك تعلم ما لك عند الله تعالى، قال: فأين أجد ذلك في كتاب الله؟ قال: عند قوله تعالى: {إنّ الأبرار لفي نعيم} الآية.k
قال سليمان: فأين رحمة الله تعالى؟ قال: قريب من المحسنين.
ثم عظم سبحانه وتعالى ذلك اليوم فقال: {وما أدراك} أي: وما أعلمك وإن اجتهدت في تطلب الدراية به {ما يوم الدين} أي: أيّ شيء هو في طوله وهوله وفظاعته وزلزاله.
ثم كرره تعجباً لشأنه فقال تعالى: {ثم ما أدراك} أي: كذلك {ما يوم الدين} أي: إنّ يوم الدين الذي بحيث لا تدرك دراية دار كنهه في الهول والشدّة، وكيفما تصوّرته فهو فوق ذلك وعلى أضعافه. والتكرير لزيادة التهويل.
ثم أجمل تعالى القول في وصفه فقال سبحانه: {يوم لا تملك} أي: بوجه من الوجوه في وقت ما {نفس} أي: أيّ نفس كانت {لنفس شيئاً} أي: قل أوجل، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو برفع يوم على أنه خبر مبتدأ مضمر، أي: هو يوم. وجوّز الزمخشري أن يكون بدلاً مما قبله، يعني: يوم الدين، والباقون بالفتح بإضمار أعني أو اذكر.
{والأمر} أي: كله {يومئذ} أي: إذ كان البعث للجزاء {لله} أي: ملك الملوك لا أمر لغيره فيه فلا يملك الله تعالى في ذلك اليوم أحداً شيئاً كما ملكهم في الدنيا.
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة انفطرت كتب الله له بعدد كل قطرة من السماء حسنة وبعدد كل قبر حسنة» . حديث موضوع.
مدنية
في قول الحسن وعكرمة ومقاتل.
قال مقاتل: وهي أوّل سورة نزلت بالمدينة، وقال ابن عباس وقتادة: مدنية إلا ثمان آيات وهي قوله تعالى: {إن الذين أجرموا} إلى آخرها فهو مكيّ. وقال الكلبي وجابر بن زيد نزلت بين مكة والمدينة، ولعل هذا هو سبب الاختلاف وقال ابن مسعود والضحاك: مكية.
وهي ست وثلاثون آية وتسع وتسعون كلمة وسبعمائة وثمانون حرفاً.
{بسم الله} الذي توكل عليه كفاه {الرحمن} الذي عمّ جوده الأبرار والعصاة {الرحيم} الذي خص أهل طاعته بهداه.
{ويل} مبتدأ، وسوغ الابتداء به كونه دعاء، وهو إمّا كلمة عذاب أو هلاك ثابت عظيم في كل حال من أحوال الدنيا والآخرة، أو واد في جهنم. وقوله تعالى: {للمطففين} خبره، والتطفيف البخس في الكيل والوزن؛ لأنّ ما يبخس شيء طفيف حقير. قال الزجاج: وإنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان: مطفف لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف. { {
وروى ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، وكانوا من أبخس الناس كيلاً فنزلت فأحسنوا الكيل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليهم وقال: «خمس بخمس» قيل: يا رسول الله ما خمس؟ قال: «ما نقض قوم العهد إلا سلط الله تعالى عليهم عدوّهم، ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم المطر» . وقال: السدي: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يعرف بأبي جهينة، ومعه صاعان