الذكور فهو أن المقصود منه التنبيه على أن الذكر أفضل من الأنثى.

وأما قوله تعالى: {أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً} فهو أن كل شيئين يقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان وكل واحد منهما يقال له: زوج والكناية في يزوجهم عائدة على الإناث والذكور، والمعنى: يجعل الذكور والإناث أزواجاً أي: يجمع له بينهما فيولد له الذكور والإناث وأما الجواب عن قوله تعالى: {عقيماً} فالعقيم: هو الذي لا يلد ولا يولد له يقال: رجل عقيم وامرأة عقيم، وأصل العقم: القطع، ومنه قيل الملك عقيم لأنه تقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق، وأما الجواب عن الرابع: فقال ابن عباس رضي الله عنهما: يهب لمن يشاء إناثاً يريد لوطاً وشعيباً عليهما السلام لم يكن لهما إلا البنات ويهب لمن يشاء الذكور يريد إبراهيم عليه السلام لم يكن له إلا الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً يريد محمداً صلى الله عليه وسلم كان له من البنين ثلاثة على الصحيح القاسم وعبد الله وإبراهيم ومن البنات أربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، ويجعل من يشاء عقيماً يريد يحيى وعيسى عليهما السلام، وقال أكثر المفسرين: هذا على وجه التمثيل وإنما الحكم عام في كل الناس لأن المقصود بيان نفاذ قدرة الله تعالى في تكوين الأشياء كيف شاء فلا معنى للتخصيص ثم إنه تعالى ختم الآية بقوله تعالى: {إنه عليم} أي: بالغ العلم بمصالح العباد وغيرها {قدير} أي: شامل القدرة على تكوين ما يشاء.

ولما بين تعالى حال قدرته وعلمه وحكمته أتبعه ببيان أنه كيف يخص أنبياءه بوحيه وكلامه فقال تعالى:

{وما كان} أي: وما صح {لبشر} من الأقسام المذكورة وحل المصدر الذي هو اسم كان ليقع التصريح بالفاعل والمفعول على أتم الوجوه فقال تعالى: {أن يكلمه} وأظهر موضع الإضمار إعظاماً للوحي وتشريفاً لمقداره فقال تعالى: {الله} أي: يوجد الملك الأعظم الجامع بصفات الكمال في قلبه كلاماً {إلا} أن يوحي إليه {وحياً} أي: كلاماً خفياً يوجده فيه بغير واسطة بوجه خفي لا يطلع عليه أحد إما بمشافهة كما ورد في حديث المعراج، وإما بإلهام أو رؤية منام كما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أن يذبح ولده، أو بغير ذلك سواء خلق الله تعالى في المتكلم قوة السماع له وهو أشرف هذه الأقسام أم لا ومن الثاني قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى} (القصص: 7)

{وأوحى ربك إلى النحل} (النحل: 68)

{وأوحى في كل سماء أمرها} (فصلت: 12)

{أو} إلا {من وراء حجاب} أي: من وجه لا يرى فيه المتكلم مع السماع للكلام على وجه الجهر كما وقع لموسى عليه السلام {أو يرسل رسولاً} من الملائكة إما جبريل عليه السلام أو غيره.

تنبيه: ذكر المفسرون: أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ألا تكلم الله تعالى وتنظر إليه إن كنت نبياً كما كلمه موسى ونظر إليه؟ فقال: «لم ينظر موسى إلى الله عز وجل فأنزل الله تعالى {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً} ، {فيوحي} أي: الرسول إلى المرسل إليه أن يكلمه {بإذنه} أي: الله تعالى {ما يشاء} أي: الله عز وجل، وقرأ نافع برفع اللام من يرسل وسكون الياء من يوحي والباقون بنصب اللام والياء أما القراءة الأولى ففيها ثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه رفع على إضمار مبتدأ، أي: هو يرسل، ثانيها: أنه عطف على وحياً على أنه حال لأن وحياً في تقدير الحال أيضاً فكأنه قال: إلا موحياً إليه أو مرسلاً، ثالثها: أن يعطف على ما يتعلق به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015