بكونهم مواظبين على التسبيح أقوام معينون من الملائكة.
تنبيه: اختلف في مكان السجدة فقيل: هو عند قوله تعالى: {إياه تعبدون} وهو قول ابن مسعود والحسن رضي الله عنهما حكاه الرافعي عن أبي حنيفة وأحمد رضي الله تعالى عنهما لأنه ذكر السجدة قبيله، والصحيح عند الشافعي رضي الله تعالى عنه عند قوله تعالى {لا يسأمون} وهو قول ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب وقتادة وحكاه الزمخشري عن أبي حنيفة رضي الله عنه لأن عنده تم الكلام.
ولما ذكر تعالى الدلائل الأربعة الفلكية أتبعها بذكر الدلائل الأرضية فقال تعالى:
{ومن آياته} الدالة على قدرته ووحدانيته {أنك} أي: أيها الإنسان {ترى الأرض} أي: بعضها بحاسة البصر وبعضها بعين البصيرة قياساً على ما أبصرت {خاشعة} أي: يابسة لا نبات فيها والخشوع التذلل والتقاصر فاستعير لحال الأرض إذا كانت قحطة لا نبات فيها كما وصفها بالهمود في قوله تعالى: {وترى الأرض هامدة} (الحج: 5)
وهو خلاف وصفها بالاهتزاز والربو، كما قال تعالى: {فإذا أنزلنا} أي: بما لنا من العظمة {عليها الماء} من الغمام أو غيره {اهتزت} أي: تحركت حركة عظيمة كثيرة سريعة فكان كمن يعالج ذلك بنفسه {وربت} أي: تشققت فارتفع ترابها وخرج منها النبات وسما في الجو مغطياً لوجهها وتشعبت عروقه وغلظت سوقه فصار يمنع سلوكها على ما كانت فيه من السهولة وتزخرفت بذلك النبات كأنها بمنزلة المختال في زيه بعدما كانت قبل ذلك كالذليل الكاسف البال في الأطمار الرثة، وقرأ السوسي: ترى الأرض في الوصل بالإمالة بخلاف منه، والباقون بالفتح، وفي الوقف أمال محضة أبو عمرو وحمزة والكسائي، وورش بين بين، والباقون بالفتح، ثم استدل بذلك على القدرة على البعث فقال تعالى: {إن الذي أحياها} أي: بما أخرج من نباتها بعد أن كانت ميتة {لمحيي الموتى} كما فعل بالنبات من غير فرق {إنه على كل شيء قدير} فهو قادر على إحياء الأرض بعد موتها وعلى إحياء هذه الأجساد بعد موتها لأن الممكنات بالنسبة إلى القدرة متساوية فالقادر قدرة تامة على شيء منها قادر على غيره.
ثم إنه تعالى هدد من يجادل في آياته بإلقاء الشبهات فيها بقوله تعالى:
{إن الذين يلحدون في آياتنا} أي: القرآن على ما لها من العظمة بالطعن والتحريف والتأويل الباطل والإلغاز فيها، وقرأ حمزة بفتح الياء والحاء من لحد، والباقون بضم الياء وكسر الحاء من ألحد يقال: لحد الحافر وألحد إذا مال عن الاستقامة بحفره في شق، فالملحد هو المنحرف، ثم اختص في العرف بالمنحرف عن الحق إلى الباطل، قال مجاهد: يلحدون في آياتنا بالمكاء والتصدية واللغو واللغط، وقال السدي: يعاندون ويشاقون {لا يخفون علينا} أي: في وقت من الأوقات ونحن قادرون على أخذهم متى شئنا أخذنا ولا يعجل إلا من يخشى الفوات، قال مقاتل: نزلت في أبي جهل وقوله تعالى {أفمن يلقى في النار} أي: على وجهه بأيسر أمر {خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة} استفهام بمعنى التقرير والغرض منه التنبيه على أن الملحدين في الآيات يلقون في النار وأن المؤمنين بالآيات يأتون آمنين يوم القيامة حين يجمع الله تعالى عباده للعرض عليه للحكم بينهم بالعدل، قال البغوي قيل: هو حمزة وقيل: هو عثمان وقيل: عمار بن ياسر.
فائدة: أم في الرسم مقطوعة وقوله تعالى: {اعملوا ما شئتم} أي: فقد علمتم