*أعطى فلم يبخل ولم يبخل ... كوم الذرى من خول المخوّل*
وحقيقة خول من إحدى معنيين: إما من قولهم: هو خائل مال إذا كان متعهداً له حسن القيام عليه، وإما من خال يخول إذا اختال وافتخر ومنه قول العرب: إن الغني طويل الذيل مياس. {نسي} أي: ترك {ما} أي: الأمر الذي {كان يدعو} أي: يتضرع {إليه من قبل} أي: قبل النعمة.
تنبيه: يجوز في ما هذه أوجه؛ أحدها: أن تكون موصولة بمعنى الذي مراعى بها الضر الذي كان يدعو إلى كشفه أي: ترك دعاءه كأنه لم يتضرع إلى ربه، ثانيها: أنها بمعنى الذي مراداً بها البارئ تعالى أي: نسي الله الذي كان يتضرع إليه وهذا عند من يجيز وقوع ما على أولي العلم. وقال الرازي: ما بمعنى من كقوله تعالى: {وما خلق الذكر والأنثى} (الليل: 3)
وقوله: {ولا أنتم عابدون ما أعبد} (الكافرون: 3)
وقوله {فانكحوا ما طاب لكم} (النساء: 3)
ثالثها: أن تكون مصدرية أي: نسي كونه داعياً {وجعل} أي: ذلك الإنسان زيادة على الكفران بالنسيان للإحسان {لله} أي: الذي لا مكافئ له بشهادة الفطرة والسمع والعقل {أنداداً} أي: شركاء {ليضل عن سبيله} أي: دين الإسلام وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء بعد اللام أي: ليفعل الضلال بنفسه والباقون بضمها أي: لم يقنع بضلاله في نفسه حتى يحمل غيره عليه فمفعوله محذوف، واللام يجوز أن تكون للعلة وأن تكون لام العاقبة كقوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً} (القصص: 8)
واختلف في سبب نزول قوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم {قل} أي: لهذا الذي قد حكم بكفره {تمتع} أي: في هذه الدنيا {بكفرك قليلاً} أي: بقية أجلك فقال مقاتل: نزل في أبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، وقيل: في عتبة بن ربيعة وقيل: عام في كل كافر، وهذا أمر تهديد وفيه إقناط للكافر من التمتع في الآخرة ولذلك علله بقوله تعالى: {إنك من أصحاب النار} أي: الذين لم يخلقوا إلا لها على سبيل الاستئناف للمبالغة قال تعالى {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس} (الأعراف: 179)
الآية.
ولما شرح الله تعالى صفات المشركين وتمسكهم بغير الله تعالى أردفه بشرح المخلصين فقال تعالى:
{أمن هو قانتٌ} أي: قائم بوظائف الطاعات {آناء الليل} أي: جميع ساعاته ومن إطلاق القنوت على القيام قوله صلى الله عليه وسلم «أفضل الصلاة صلاة القنوت» وهو القيام فيها ومنه القنوت لأنه يدعو قائماً، وعن ابن عمر أنه قال: لا أعلم القنوت إلا قراءة القرآن وطول القيام وتلا {أمن هو قانت} وعن ابن عباس: القنوت الطاعة لقوله تعالى: {كل له قانتون} (البقرة: 116)
أي: مطيعون، وقرأ نافع وابن كثير وحمزة بتخفيف الميم والباقون بتشديدها وفي القراءة الأولى وجهان؛ أحدهما: أن الهمزة همزة الاستفهام دخلت على من بمعنى الذي والاستفهام للتقرير ومقابله محذوف تقديره أمن هو قانت كمن جعل لله أنداداً أو أمن هو قانت كغيره، وأما القراءة الثانية: فأم داخلة على من الموصولة أيضاً فأدغمت الميم في الميم وفي أم حينئذ قولان؛ أحدهما: أنها متصلة ومعاد لها محذوف تقديره الكافر خير أم الذي هو قانت، والثاني: أنها منقطعة فتقدر ببل والهمزة أي: بل أمن هو قانت كغيره أو كالكافر المقول له تمتع بكفرك وقوله تعالى {ساجداً} أي: وراكعاً {وقائماً} أي: وقاعداً في صلاته حالان من ضمير قانت.
تنبيه: في هذه