والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسي والعناصر الأربعة يمتنع أن ينتفع بصلاة زيد وصيام عمرو وأن يستضر بعدم صلاة هذا وعدم صيام ذاك {ولا يرضى لعباده} أي: لأحد منهم {الكفر} أي: بالإقبال على ما سواه وأنتم لا ترضون ذلك لعبيدكم مع أن ملككم لهم في غاية الضعف، ومعنى عدم الرضا به: لا يفعل فعل الراضي بأن يأذن فيه ويقر عليه ويثيب فاعله ويمدحه بل يفعل فعل الساخط بأن ينهى عنه ويذم عليه ويعاقب مرتكبه وإن كان بإرادته إذ لا يخرج شيء عنها، وهذا قول قتادة والسلف أجروه على عمومه، وقال ابن عباس: ولا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين قال الله تعالى فيهم {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} (الإسراء: 65)

فيكون عاماً في اللفظ خاصاً في المعنى كقوله تعالى: {عيناً يشرب بها عباد الله} (الإنسان: 6)

يريد بعض العباد.

{وإن تشكروا} الله تعالى أي: فتؤمنوا بربكم وتطيعوه {يرضه لكم} أي: فيثيبكم عليه لأنه سبب فلاحكم. وقرأ السوسي في الوصل بسكون الهاء، وللدوري وهشام وجهان السكون والضم وصلة الهاء بواو للدوري، وابن كثير وابن ذكوان والكسائي والباقون بالسكون وهو لغة فيه.

{ولا تزر} أي: نفس {وازرة وزر} نفس {أخرى} أي: لا تحمله بل وزر كل نفس عليها لا يتعداها يحفظ عليها مدة كونها في دار العمل. واحتج بهذا من أنكر وجوب الدية على العاقلة ورد بأن السنة خصصت ذلك، وأما الإثم الذي يكتب على الإنسان بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليس وزر غيره، وإنما هو وزر نفسه فوزر الفاعل على الفعل ووزر الساكت على الترك لما لزمه من الأمر والنهي. وقوله تعالى: {ثم إلى ربكم مرجعكم} يدل على إثبات البعث والقيامة {فينبئكم بما كنتم تعلمون} فيه تهديد للعاصي وبشارة للمطيع وقوله تعالى: {إنه عليم} أي: بالغ العلم {بذات الصدور} أي: بما في القلوب كالعلة لما سبق أي: إنه تعالى ينبئكم بأعمالكم لأنه عالم بجميع المعلومات فيعلم ما في قلوبكم من الدواعي والصوارف، قال صلى الله عليه وسلم «إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» .

ولما بين تعالى فساد القول بالشرك وبين تعالى أنه الذي يجب أن يعبد بين أن طريقة الكفار متناقضة بقوله تعالى:

{وإذا مس الإنسان} أي: هذا النوع الآنس بنفسه {ضر دعا ربه} لأنهم إذا مسهم الضر طلبوا رفعه من الله تعالى وإذا زال ذلك الضر عنهم رجعوا إلى عبادة الأصنام فكان الواجب عليهم أن يتعرفوا بالله تعالى في جميع الأحوال لأنه القادر على إيصال الخير ودفع الشر فظهر تناقض طريقهم والمراد بالإنسان: الكافر، وقيل: المؤمن والكافر، وقيل المراد: أقوام معينون كعتبة بن ربيعة وغيره، والمراد بالضر: جميع المكاره في جسمه أو ماله أو أهله أو ولده لعموم اللفظ وقوله تعالى {منيباً} حال من فاعل دعا وقوله تعالى {إليه} متعلق بمنيباً أي: راجعاً إليه في إزالة ذلك الضر لأن الإنابة الرجوع {ثم إذا خوله} أي: أعطاه {نعمة} مبتدأة {منه} أي: من غير مقابل ولا يستعمل في الجزاء بل في ابتداء العطية قال زهير:

* ... هنالك إن يستخولوا المال يخولوا*

ويروى أن يستخيلوا المال يخيلو وقال أبو النجم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015