الشياطين وغيرهم عطف على الريح أي: وسخرنا له من الجن {من يعمل بين يديه} أي: قد أمكنه الله تعالى منهم غاية الإمكان في غيبته وحضوره {بإذن} أي: بأمر {ربه} أي: بتمكين المحسن إليه {ومن يزغ} أي: يمل {منهم عن أمرنا} أي: عن أمره الذي هو من أمرنا {نذقه من عذاب السعير} أي: النار أي: في الآخرة وقيل: في الدنيا بأن يضربه ملك بسوط منها ضربة يحرقه، وهذا كما أمكن نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك العفريت فخنقه وهم بربطه حتى تلعب به صبيان المدينة، ثم تركه تأدباً مع أخيه سليمان عليه السلام فيما سأل الله تعالى فيه، وأما الأعمال التي يدور عليها إقامة الدين فأغناه الله تعالى فيها عن الجن بالملائكة الكرام عليهم السلام وسلط جمعاً من صحابته على جماعة من مردة الجان منهم أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: «لما وكله النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان» ، ومنهم أبي بن كعب قبض على شخص منهم كان يسرق من تمره وقال: لقد علمت الجن ما فيهم من هو أشد مني، ومنهم معاذ بن جبل لما جعله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقة المسلمين فأتاه شيطان يسرق وتصور له بصور منها صورة فيل، فضبطه والتفت يداه عليه وقال له: يا عدو الله فشكا له الفقر وأخبره أنه من جن نصيبين، وأنهم كانت لهم المدينة فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أخرجهم منها، وسأله أن يخلي عنه على أن لا يعود، ومنهم بريدة، ومنهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، ومنهم زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه صارع الشيطان فصرعه عمر، ومنهم عمار بن ياسر قاتل الشيطان فصرعه عمار

وأدمى أنف الشيطان بحجر ذكر ذلك البيهقي في الدلائل، وأما عين القطر فهي مما تضمنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «أعطيت مفاتيح خزائن الأرض والملك في الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فاخترت أن أكون نبياً عبداً أجوع يوماً وأشبع يوماً» الحديث، فشمل ذلك اللؤلؤ الرطب إلى عين الذهب المصفى إلى ما دون ذلك، وروى الترمذي ـ وقال: حسن ـ عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً قلت: لا يارب ولكن أجوع يوماً وأشبع يوماً، فإذا جعت تضرعت إليك وشكرتك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك» وللطبراني بإسناد حسن عن ابن عباس: «أن إسرافيل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بمفاتيح خزائن الأرض وقال: إن الله أمرني أن أعرض عليك أن تسير معك جبال تهامة زمرداً وياقوتاً وذهباً وفضة، فإن شئت نبياً مالكاً وإن شئت نبياً عبداً فأومأ إليَّ جبريل عليه السلام أن تواضع فقال: نبياً عبداً» ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً من حديث أبي هريرة، وله في الصحيح عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق على قطيفة من سندس» وفي البخاري في غزوة أحد عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض» هذا ما يتعلق بالأرض، وقد زيد صلى الله عليه وسلم على ذلك بأن أيده ربه سبحانه بالتصرف في خزائن السماء تارة بشق القمر وتارة برجم النجوم، وتارة باختراق السموات، وتارة بحبس المطر، وتارة بإرساله إلى غير ذلك مما قد أكرمه الله تعالى به مما لا يحيط به إلا الله عز وجل صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه، وحشرنا ومحبينا معهم في دار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015