فوراً، فلو اختارته واحدة لم يحرم عليه طلاقها أو كرهته توقفت الفرقة على الطلاق، وليس قولها: اخترت نفسي بطلاق كما مرت الإشارة إليه، وله تزوجها بعد الفراق.
النوع الثاني: المحرمات: وهي أشياء كثيرة منها الزكاة والصدقة وتعلم الخط والشعر ومد العين إلى متاع الدنيا. وخائنة الأعين وهي: الإيماء بما يظهر خلافه دون الخديعة في الحرب، وإمساك من كرهت نكاحه. ومنها نكاح كتابية لا للتسري بها كما مر، ولا يحرم عليه أكل الثوم ونحوه ولا الأكل متكئاً.
النوع الثالث: التخفيفات والمباحات: وهي كثيرة جداً منها: تزويج من شاء من النساء لمن شاء ولو لنفسه بغير إذن من المرأة ووليها متولياً للطرفين، وزوجه الله تعالى، وأبيح له الوصال ونصفي المغنم. ويحكم ويشهد لولده ولو لنفسه، وأبيح له نكاح تسع، وقد تزوج صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ومات عن تسع، قال الأئمة: وكثرة الزوجات في حقه صلى الله عليه وسلم للتوسعة في تبليغ الأحكام عنه الواقعة سراً مما لا يطلع عليه الرجال، ونقل محاسنه الباطنة فإنه صلى الله عليه وسلم تكمل له الظاهر والباطن، وحرم عليه الزيادة عليهن، ثم نسخ وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
وينعقد نكاحه محرماً وبلفظ الهبة إيجاباً لا قبولاً، بل يجب لفظ النكاح أو التزويج لظاهر قوله تعالى: {إن أراد النبي أن يستنكحها} ولا مهر للواهبة له وإن دخل بها، وتجب إجابته على امرأة رغب فيها، ويجب على زوجها طلاقها لينكحها.
النوع الرابع: الفضائل: وهي كثيرة لا تدخل تحت الحصر منها: تحريم منكوحاته على غيره سواء كن موطوآت أم لا، مطلقات باختيارهن أم لا، وتحريم سراريه وهن إماؤه الموطوآت بخلاف غير الموطوآت، وتقدم أن نساءه أمهات المؤمنين لا المؤمنات بخلافه صلى الله عليه وسلم فإنه أبو الرجال والنساء، وتقدم الكلام على قوله تعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} (الأحزاب: 40)
وإن ثوابهن وعقابهن مضاعف.
ومنها أنه يحرم سؤالهن إلا من وراء حجاب، وأفضلهن خديجة ثم عائشة، وأفضل نساء العالمين مريم بنت عمران إذ قيل بنبوتها، ثم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خديجة، ثم عائشة، ثم آسية امرأة فرعون، وأما خبر الطبراني: خير نساء العالمين مريم بنت عمران، ثم خديجة بنت خويلد، ثم فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ثم آسية امرأة فرعون فأجيب عنه: بأن خديجة إنما فضلت فاطمة باعتبار الأمومة لا باعتبار السيادة، وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.
ومنها: أنه أول النبيين خلقاً وأفضل الخلق على الإطلاق، وخص بتقديم نبوته فكان نبياً وآدم منجدل في طينته، وبتقديم أخذ الميثاق عليه، وبأنه أول من قال: بلى وقت {ألست بربكم} وبخلق آدم وجميع المخلوقات من أجله، وبكتابة اسمه الشريف على العرش والسماوات والجنات وسائر ما في الملكوت، وبشق صدره الشريف، وبجعل خاتم النبوة بظهره بإزاء قلبه، وبحراسة السماء من استراق السمع والرمي بالشهب، وبإحياء أبويه حتى آمنا به، وبأنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأول من يقرع باب الجنة، وأول شافع وأول مشفع، وأكرم بالشفاعات الخمس يوم القيامة:
أولها: العظمى في الفصل بين أهل الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء.
الثانية: في إدخال خلق الجنة بغير حساب جعلنا الله وأحبابنا منهم.
الثالثة: في ناس استحقوا