في الإفراد والجمع على ذلك النحو {وبنات خالاتك} من نساء بني زهرة، وقال البقاعي: ويمكن في ذلك احتباك عجيب وهو بنات عمك، وبنات أعمامك، وبنات عماتك، وبنات عمتك، وبنات خالك، وبنات أخوالك، وبنات خالتك انتهى. وقوله تعالى: {اللاتي هاجرن معك} يحتمل تقييد الحل بذلك في حقه خاصة.

ويعضده ما روى الترمذي والحاكم عن أم هانئ بنت أبي طالب أنها قالت في خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم «فاعتذرت إليه فعذرني ثم أنزل الله تعالى {إنا أحللنا لك أزواجك} الآية فلم أكن لأحل له لأني لم أهاجر، كنت من الطلقاء أي: الأسراء الذين أطلقوا من الأسر، وخلى سبيلهم» قال ابن عادل: ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل انتهى. ثم إن الله تعالى ذكر ما خص به نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {وامرأة} أي: حرة {مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي} أي: الذي أعلينا قدره بما خصصناه به {أي: يستنكحها} أي: يوجد نكاحه لها بجعلها من منكوحاته فتصير له بمجرد ذلك بلا مهر ولا ولي ولا شهود، وخرج بالمؤمنة الكتابية فلا تحل له؛ لأنها تكره صحبته، ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة ولقوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم} (الأحزاب: 6)

ولا يجوز أن تكون المشركة أم المؤمنين، ولخبر: «سألت ربي أن لا أزوج إلا من كان معي في الجنة فأعطاني» رواه الحاكم وصحح إسناده، وأما التسري بالكتابية فلا يحرم عليه، قال الماوردي: لأنه صلى الله عليه وسلم تسرى بريحانة وكانت يهودية من بني قريظة» ، واستشكل بهذا تعليلهم السابق بأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة، وأجيب: بأن القصد بالنكاح أصالة التوالد فاحتيط له، وبأنه يلزم فيه أن تكون الزوجة المشركة أم المؤمنين بخلاف الملك فيها، وخرج بالحرة الرقيقة وإن كانت مؤمنة لأن نكاحها معتبر بخوف العنت وهو معصوم، وبفقدان مهر حرة، ونكاحه غني عن المهر ابتداءً وانتهاءً، وبرِقِّ الولد ومنصبه صلى الله عليه وسلم منزه عنه.

تنبيه: في نصب امرأة وجهان: أحدهما: أنه عطف على مفعول أحللنا أي: وأحللنا لك امرأة موصوفة بهذين الشرطين. قال أبو البقاء: وقد رد هذا قوم وقالوا: أحللنا ماض، وإن وهبت وهو صفة المرأة مستقبل، فأحللنا في موضع جوابه، وجواب الشرط لا يكون ماضياً في المعنى، قال: وهذا ليس بصحيح لأن معنى الإحلال ههنا: الإعلام بالحل إذا وقع الفعل على ذلك كما تقول: أبحت لك أن تكلم فلاناً إن سلم عليك.

والثاني: أنه نصب بمقدر تقديره ونحل لك امرأة، وفي قول الله تعالى: {إن وهبت} إن أراد اعتراض الشرط على الشرط، والثاني: هو قيد في الأول ولذلك تعربه حالاً؛ لأن الحال قيد، ولهذا اشترط الفقهاء أن يتقدم الثاني على الأول في الوجود، فلو قال لزوجته: إن أكلت إن ركبت فأنت طالق فلا بُدَّ أن يتقدم الركوب على الأكل وهذا لتحقيق الحالية والتقييد كما ذكر، إذ لو لم يتقدم لخلا جزء من الأكل غير مقيد بركوب، فلهذا اشترط تقدم الثاني، ولكن يشترط أن لا يكون ثم قرينة تمنع من تقدم الثاني على الأول كقوله لامرأة: إن تزوجتك إن طلقتك فعبدي حر لا يتصور هنا تقدم الطلاق على التزوج، قال بعض المفسرين:

وقد عرض لي إشكال على ما قاله الفقهاء بهذه الآية وذلك أن الشرط الثاني ههنا لا يمكن تقدمه في الوجود بالنسبة إلى الحكم بالنبي صلى الله عليه وسلم لا أنه لا يمكن عقلاً، وذلك أن المفسرين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015