الله تعالى» وقيل سها في صلاته فقالت اليهود: له قلبان قلب مع أصحابه وقلب معكم، وعن الحسن نزلت في أن الواحد يقول: لي نفسان نفس تأمرني ونفس تنهاني، فإن قيل: ما وجه تعدية الظهار وأخواته بمن؟ أجيب: بأن الظهار كان طلاقاً في الجاهلية فكانوا بتجنبون المرأة المظاهر منها كما يتجنبون المطلقة، فكان قولهم: تظاهر منها، تباعد منها جهة الظهار، فلما تضمن معنى التباعد منها عدي بمن.
فإن قيل: ما معنى قولهم: أنت علي كظهر أمي، أجيب: بأنهم أرادوا أن يقولوا: أنت عليّ حرام كبطن أمي فكنوا عن البطن بالظهر لئلا يذكروا البطن الذي ذكره يقارب ذكر الفرج؛ لأنه عمود البطن، ومنه حديث عمر: يجيء به أحدهم على عمود بطنه أراد على ظهره، ووجه آخر: وهو أن إتيان المرأة وظهرها إلى السماء كان محرماً عندهم محظوراً، وكان أهل المدينة يقولون: إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول، فلقصد المطلق منهم إلى التغليظ في تحريم امرأته عليه شبهها بالظهر، ثم لم يقنع بذلك حتى جعله كظهر أمه، وهو منكر وزور وفيه كفارة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في سورة المجادلة.
وقرأ ابن عامر والكوفيون اللائي بالهمزة المكسورة والياء بعدها في الوصل، وسهل الياء كالهمزة ورش، والبزي وأبو عمرو مع المد والقصر، وعن أبي عمرو والبزي أيضاً إبدالها ياء ساكنة مع المد لا غير، وقالون وقنبل بالهمزة ولا ياء بعدها، وقرأ تظهرون عاصم بضم التاء، وتخفيف الظاء وألف بعدها وكسر الهاء مخففة، وقرأ حمزة والكسائي بفتح التاء والظاء مخففتين وألف بعد الظاء وفتح الهاء مخففة، وابن عامر كذلك إلا أنه يشدد الظاء، والباقون بفتح التاء والظاء والهاء مع تشديد الظاء والهاء ولا ألف بعد الظاء وقوله تعالى: {ذلكم} إشارة إلى كل ما ذكر وإلى الأخير {قولكم بأفواهكم} أي: مجرد قول لسان من غير حقيقة كالهذيان {والله} أي: المحيط علماً وقدرة وله جميع صفات الكمال {يقول الحق} أي: ماله حقيقة الثابت الذي يوافق ظاهره باطنه فلا قدرة لأحد على نقضه، فإن أخبر عن شيء فهو كما قال: {وهو} أي: وحده {يهدي السبيل} أي: يرشد إلى سبيل الحق.
ولما كان كأنه قيل فما تقول اهدنا إلى سبيل الحق قال تعالى:
{ادعوهم} أي: الأدعياء {لآبائهم} أي: الذين ولدوهم إن علموا ولذا قال زيد بن حارثة: قال صلى الله عليه وسلم «من دعي إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام» وأخرجه الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، ثم علل تعالى ذلك بقوله تعالى: {هو} أي: هذا الدعاء {أقسط} أي: أقرب إلى العدل من التبني، وإن كان إنما هو لمزيد الشفقة على المُتَبَنَّى والإحسان إليه {عند الله} أي: الجامع لصفات الكمال، وعن ابن عمران زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن {ادعوهم لآبائهم} الآية وقيل: كان الرجل في الجاهلة إذا أعجبه جلد الرجل وظرفه ضمه إلى نفسه وجعل له مثل نصيب الذكر من أولاده من ميراثه، وكان ينسب إليه فيقال: فلان ابن فلان، أما إذا جهلوا فهو ما ذكر بقوله تعالى: {فإن لم تعلموا آباءهم} لجهل أصلي أو طارئ {فإخوانكم} أي: فهم إخوانكم {في الدين} إن كانوا دخلوا في دينكم أي: قولوا لهم إخواننا {ومواليكم} إن كانوا محررين أي: قولوا موالي فلان، وعن مقاتل إن لم تعلموا لهم أباً فانسبوهم