بتكذب الرسل فما يؤمنهم أن يكون حالهم في سؤال الآيات كحال أولئك، وقرأ نافع وأبوعمرو وحفص بالفوقية على التأنيث، والباقون بالتحتية على التذكير
{ولو أنّا أهلكناهم} معاملة لهم في عصيانهم {بعذاب من قبله} أي: هذا القرآن المذكور في الآية الماضية وما قاربها، وفي قوله تعالى: {ولا تعجل بالقرآن} (طه، 114)
وفي مثنى السورة في: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} (طه، 2)
أو من قبل محمد صلى الله عليه وسلم {لقالوا} أي: يوم القيامة {ربنا} يا من هو متصف بالإحسان إلينا {لولا} أي: هلا ولم لا {أرسلت إلينا رسولاً} يأمرنا بطاعتك {فنتبع} أي: فيتسبب عنه أن نتبع آياتك التي تنجينا بها {من قبل أن نذل} بالعذاب هذا الذل {ونخزى} بالمعاصي التي عملناها على جهل، فلأجل ذاك أرسلناك إليهم، وأقمنا بك الحجة عليهم، ولما علم بهذا أنّ إيمانهم كالممتنع، وجدالهم لا ينقطع بل إن جاءهم الهدى طعنوا فيه، وإن عذبوا قبله تظلموا كان كأنه قيل: فما الذي أفعل معهم؟ فقيل:
{قل} لهم {كل} أي: كل مني ومنكم {متربص} أي: منتظر ما يؤول إليه أمري وأمركم {فتربصوا} فأنتم كالبهائم ليس لكم تأمل {فستعلمون} أي: عما قريب بوعد لا خلف فيه، وهو يوم القيامة {من أصحاب الصراط} أي: الطريق {السويّ} أي: المستقيم {ومن اهتدى} أي: من الضلال، فحصل على جميع ما ينفعه واجتنب جميع ما يضره أنحن أم أنتم؟ قال ابن عادل: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله عز وجل قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمّة ينزل عليها هذا، وطوبى لألسن تتكلم بهذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا» ، وعن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقرأ أهل الجنة من القرآن إلا يس وطه» انتهى، ولم يذكر لذلك سنداً، وأما ما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ طه أعطي يوم القيامة ثواب المهاجرين والأنصار» فحديث موضوع.
عليهم الصلاة والسلام مكية
قال الرازي بإجماع: وهي مائة وإحدى أو ثنتا عشرة آية وألف ومائة وستون كلمة وأربعة آلاف وثمان وتسعون حرفاً
{بسم الله} الحكم العدل الذي تمت قدرته وعمّ أمره {الرحمن} الذي ساوى بين خلقه في رحمة إيجاده {الرحيم} الذي نجى من شاء من عباده في معاده قال أبو جعفر بن الزبير في برهانه لما تقدم قوله تعالى: {ولا تمدن عينيك} (الحجر، 88)
إلى قوله: {فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى} (طه، 135)
قال تعالى:
{اقترب} أي: قرب {للناس حسابهم} أي: في يوم القيامة أي: فلا تمدن عينيك إلى ذلك فإني جعلته فتنة، وأشار بصيغة الافتعال إلى مزيد القرب؛ لأنه لا أمة بعد هذه ينتظر أمرها، وأخر الفاعل تهويلاً لتذهب النفس في تعيينه كل مذهب فإن قيل: كيف وصف ذلك اليوم بالاقتراب وقد عدت دون هذا القول أكثر من تسعمائة عام أجيب بأنه مقترب عند الله، والدليل عليه قوله تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون} (الحج، 47)
ولأن كل آت، وإن طالت أوقات استقباله وترقبه قريب وإنما البعيد هو الذي وجد وانقرض