لا أجد العاق إلا جباراً شقياً ولا أجد سي الملكية إلا مختالاً فخوراً وتلا وما ملكت أيمانكم أنّ الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً الصفة الثامنة: قوله:
{والسلام} من الله {عليّ} فلا يقدر أحد على ضرّى {يوم ولدت} فلا يضرني شيطان {ويوم أموت} فلا يضرني أيضاً ومن يولد ويموت فليس بإلاه {ويوم أبعث حياً} يوم القيامة كما تقدم في يحيى عليه السلام وفي ذلك إشارة إلى أنه في البشرية مثله سواء لم يفارقه أصلاً إلا في كونه من غير ذكر وإذا كان جنس السلام عليه كان اتباعه كذلك ولم يبق لأعدائه إلا اللعن، ونظيره قول موسى عليه السلام {والسلام على من اتبع الهدى} (طه، 47)
بمعنى أنّ العذاب على من كذب وتولى
{ذلك} أي: الذي تقدّم نعته بقوله: {إني عبد الله} إلى آخره هو {عيسى بن مريم} لا ما يصفه النصارى بقولهم أنه الله أو ابنه أو إله ثالث فهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعل الموصوف بأضداد ما يصفونه وفي ذلك تنصيص على أنه ابن هذه المرأة وقوله تعالى: {قول الحق} قرأ عاصم وابن عامر بنصب اللام على أنه مصدر مؤكد والباقون بالرفع على أنه خبر محذوف أي: هو قول الحق الذي لا ريب فيه والإضافة للبيان والضمير للكلام السابق أو لتمام القصة ثم عجب تعالى من ضلالهم فيه بقوله تعالى {الذي فيه يمترون} أي: يشكون شكاً يتكلفونه ويجادلون فيه فتقول اليهود ساحر وتقول النصارى ابن الله مع أنّ أمه امرأة في غاية الوضوح ليس موضعاً للشك أصلاً ثم دل على كونه حقاً في كونه ابناً لأمّه مريم لا غيرها بقوله رداً على من ضلّ
{ما كان} أي: ما صح ولا يتأتى ولا يتصوّر في العقول ولا يصح ولا يأتي لأنه من المحال لكونه يلزم منه الحاجة {لله} الغني عن كل شيء {أن يتخذ من ولد} وأكده بمن لأنّ المقام يقتضي النفي العام، ولما كان اتخاذ الولد من النقائص أشار إلى ذلك بالتنزيه العام بقوله تعالى: {سبحانه} أي: تنزه عن كل نقص أي: من احتياج إلى ولد أو غيره ثم علل ذلك بقوله عز وجل {إذا قضى أمراً} أي: أيّ أمر كان أي: أراد أن يحدثه {فإنما يقول له كن} أي: يريده ويعلق قدرته به وقوله تعالى: {فيكون} قرأه ابن عامر بنصب النون بتقدير أن أو على الجواب والباقون بالرفع بتقدير هو وقوله:
{وإنّ الله ربي وربكم} إخبار عن عيسى عليه السلام أنه قال ذلك وقرأ ابن عامر والكوفيون بكسر الهمزة على الاستئناف والباقون بفتحها بتقدير حذف حرف الجرّ متعلق بما بعده والتقدير ولأنّ الله ربي وربكم {فاعبدوه} وحده لتفرده بالإحسان كما أعبده كقوله تعالى: {وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} (الحجر، 18) ، والمعنى لوحدانيته أطيعوه وقيل: إنه عطف على الصلاة والتقدير وأوصاني بالصلاة وبأنّ الله وإليه ذهب الفراء {هذا} أي: الذي أمرتكم به {صراط} أي: طريق {مستقيم} أي: يقود إلى الجنة وقرأ قنبل بالسين وخلف بإشمام الصاد والباقون بالصاد الخالصة، واختلف في قوله تعالى:
{فاختلف الأحزاب من بينهم} فقيل هم النصارى واختلافهم في عيسى أهو ابن الله أو إله معه أو ثالث ثلاثة وسموا أحزاباً لأنهم تحزبوا ثلاث فرق في أمر عيسى النسطورية والملكانية واليعقوبية، وقيل: هم اليهود والنصارى فجعله بعضهم ولداً وبعضهم كذاباً، وقيل: هم الكفار الشامل لليهود والنصارى وغيرهم من الذين كانوا في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم قال