{فله} في الدارين {جزاء الحسنى} أي: الجنة، وقرأ حفص وحمزة والكسائي بفتح الهمزة بعد الزاي منوّنة وتكسر في الوصل لالتقاء الساكنين، قال الفراء: نصبه على التفسير أي: لجهة النسبة، وقيل: منصوب على الحال أي: فله المثوبة الحسنى مجزياً بها، والباقون بضم الهمزة من غير تنوين فالإضافة للبيان، قال المفسرون: والمعنى على قراءة النصب فله الحسنى جزاء كما تقول له هذا الثوب هبة، وعلى قراءة الرفع وجهان، الأول: فله جزاء الفعلة الحسنى والفعلة الحسنى هي الإيمان والعمل الصالح، والثاني: فله جزاء المثوبة الحسنى وإضافة الموصوف إلى الصفة مشهورة كقوله: ولدار الآخرة، وأمال ألف الحسنى حمزة والكسائي محضة وأبو عمرو بين بين وورش بالفتح والإمالة بين بين {وسنقول} بوعد لا خلف فيه بعد اختباره بالأعمال الصالحة {له} أي: لأجله {من أمرنا} أي: ما نأمره به {يسراً} أي: قولاً غير شاق من الصلاة والزكاة والخراج والجهاد وغيرها وهو ما يطيقة ولا يشق عليه مشقة كثيرة

{ثم أتبع} لإرادة طلوع مشرق الشمس {سبباً} من جهة الجنوب يوصله إلى المشرق واستمر فيه لا يمل ولا تغلبه أمة مرّ عليها

{حتى إذا بلغ} في مسيره ذلك {مطلع الشمس} أي: الموضع الذي تطلع عليه أولاً من المعمور من الأرض {وجدها تطلع على قوم} ، قال الجلال المحلى: هم الزنج وقوله تعالى: {لم نجعل لهم من دونها} أي: الشمس {ستراً} فيه قولان، الأول: أنه لا شيء لهم من سقف ولا جبل يمنع من وقوع شعاع الشمس عليهم لأن أرضهم لا تحمل بنياناً، قال الرازي: ولهم سروب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويظهرون عند غروبها فيكونون عند طلوع الشمس يتعذر عليهم التصرّف في المعاش وعند غروبها يشتغلون بتحصيل مهمات المعاش وأحوالهم بالضدّ من أحوال سائر الخلق، وقال قتادة: يكونون في أسراب لهم حتى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا فرعوا كالبهائم، والثاني: أن معناه لا ثياب لهم ويكونون كسائر الحيوانات عراة أبداً وفي كتب الهيئة أن أكثر حال الزنج كذلك وحال كل من سكن البلاد القريبة من خط الاستواء، كذلك قال الكلبي: هم عراة يفرش أحدهم إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، وقال الزمخشري وعن بعضهم قال: خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء القوم فقيل: بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم وإذا أحدهم يفرش إحدى أذنيه ويلبس الأخرى، فلما قرب طلوع الشمس سمعت صوتاً كهيئة الصلصلة فغشى عليّ ثم أفقت فلما طلعت الشمس فإذا هي فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلوني سربالهم فلما ارتفع النهار جعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج لهم، وعن مجاهد من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس أكثر من جميع أهل الأرض وقوله تعالى:

{كذلك} فيه وجوه؛ الأول: أن معناه كما بلغ مغرب الشمس كذلك بلغ مطلعها، الثاني: أن أمره كما وصفناه من رفعة المكان وبسطة الملك، قال البغوي: والصحيح أن معناه كما حكم في القوم الذين هم عند غروب الشمس كذلك في القوم الذين هم عند مطلعها {وقد أحطنا بما لديه} أي: عند ذي القرنين من الآلات والجند وغيرهما {خبراً} أي: علماً تعلق بظواهره وخفاياه والمعنى أن كثرة ذلك بلغت مبلغاً لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير

{ثم} إن ذا القرنين لما بلغ المغرب والمشرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015