ويصل رحمَه، ويكفّ به وجهَه» (?) .
ولذلك يروى -كما أخرجه أحمد وابن منيع في «مسنديهما» - من حديث عمرو بن العاصي -رضي الله عنه-، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عمرو نعمّا بالمال الصالح للمرء الصالح» -وفي لفظ: «نعم المال الصالح للرجل الصالح» (?) .
وأخرج الديلمي عن جابر -رضي الله عنه-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «نعم العون على تقوى الله المال» (?) .
وعند الطبراني في «الأوسط» عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قيل يا رسول الله من السيد؟ قال: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام-، قالوا: فما في أمتك من سيد؟ قال: بلى، رجل أعطي مالاً حلالاً، ورزق سماحة، وأدنى الفقير، وقلّت شكاته في الناس» (?) .
فمن تكون الدنيا في يديه ويؤدِّي الحقوقَ منها، ويتطوَّع بالأمور المستحبة فيها، ولم تكن عائقة له عن الوصول إلى الله تعالى، ولا لها في قلبه مزيَّة، ولا يفخر بها خصوصاً على من دونه، يكون ذلك زيادة له في الخير.
وكم من غنيٍّ مُتَّصفٍ بذلك وأزيد منه مثل سليمان -عليه السلام-، وعثمان ابن عفّان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة الفياض أحد العشرةِ -رضي الله عنهم-.
بل قد حُملت خزائنُ الأرض إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى صاحبيه أبي بكرٍ وعمرَ -رضي الله عنهما-، فأخذوها ووضعوها في مواضعها، وما هربوا منها لكونهم قد استوى عندهم الماء والمال، والذهب والحجر، كما عُرف من سيَرهم وأحوالِهم (?) .