والظاهر أن سادتنا رؤساء الدين والدنيا لا يريدون لرعيتهم المساكين أن يتفقهوا أو يتفقحوا. بل يحاولون ما أمكن أن يغادروهم متسكعين في مهامه الجهل والغباوة أع أع إذ لو شاؤوا غير ذلك لاجتهدوا في أن ينشئوا لهم هناك مطبعة تطبع فيها الكتب المفيدة سواء كانت عربية أو معرَّبة سر سر فكيف ترضون يا سادتنا الا عزة لعبيدكم الأذلة أن تربى أولادهم في الجهل والعمه عزوى عزوى وإن يكون معلموهم لا يعرفون العربية ولا الحط والحساب والتاريخ والجغرافية ولا شيئاً غير ذلك مما لا بدّ للمعلم من معرفته تعزى تعزى فكم لعمري من ملكات براعة وحذق من الله تعالى بها على كثير من هؤلاء الأولاد. غير أنه لفقد أسباب العلم وعدم ذرائع التأديب والتخريج طفئت جذوتها فيهم على صغر بحيث لم يمكن أن يستقبها بهم نتف التحصيل على كبر أوه أوه هذا وإنكم بحمد الله من المتمولين المثرين. لا يعجزكم أن تنفقوا كذا وكذا كيساً على إنشاء مدارس وطبع كتب مفيدة أيه أيه فإن لبطرك الطائفة المارونية دخلا له وقع عظيم، وقدر جسيم، بحيث يمكنه أن يحبي به قلوب طائفته هذه التارزة التي لا هم لها في المنافسة والمباراة في شيء بين من سبقوهم إلى كل علم وفضل هيس هيس وإنما همهم أن يتعلموا بعض قواعد في نحو اللغتين العربية والسريانية لمجرد العلم بها فقط من دون فائدة آه آه إذ لم يعلم إلي الآن أن واحداً منهم ترجم كتابا أو كراسة مفيدة في هاتين اللغتين ولا أن البطرك أمر بطبع كتاب لغة فيهما تغ تغ ولو إنه أنفق نصف دخله في كل سنة على تحصيل أسباب العلم بدل هذه الولائم والمآدب التي يهيئها لزواره. أو لو كان كل من الأمراء والمشايخ الكرام ينفل شيئا معلوما في كل سنة لأجل هذه المصلحة الخيرية أو لو بعث من قبله إلى البلاد الإفرنجية وكلاء يجمعون من ذوي الخير والإحسان فيها مبلغا يخصصه بما نحن بصدده. لأحمد كل من في الشرق والغرب فعله جنح جنح ولكن إذا تعنى أحد سادتنا هؤلاء لأن يبعث إلى إخوانه الإفرنج حنا أو متى أو لوقا لجمع المال فإنما يبعثه لبناء كنيسة أو صومعة آح آح مع أن الإنسان مذ يولد إلى أن يبلغ اثنتي عشرة سنة لا يمكنه أن يدرك شيئا على حقيقته من جهة الكنيسة والصومعة ويمكنه في خلال ذلك أن يتعلم ما يفيده في مدرسة أو كتاب ثع ثع فهل تعدونني يا سادة بإنشاء مكاتب وطبع كتب حتى لا أطبل عليكم هذا الفصل. فإن بقلبي منكم لحزازات حاكة وبصدري عليكم ملامات صاكة أخ أخ لأن خليصي الفارياق في دولتكم السعيدة لم يمكنه أن يتعلم في قريته غير الزبور وهو كتاب حشوه اللحن والخطأ والركاكة اخ اخ لأن معربه لم يكن يعرف العربية وقس عليه سائر الكتب التي طبعت في بلادكم وفي رومية العظمى هع هع ومعلوم أن الغلط إذا تأصل في عقل الصغير شب معه ونمى فلم يعد ممكنا بعد قلعه.
فهل من سبب لهذا الشين والعيب سوى إهمالكم وسوء تصرفكم في السياسة المدنية والكنائسية أفواه أفواه.
أتحسبون إن الركاكة من شعائر الدين ومعالمه وفرائضه وعزائمه وإن البلاغة تفضي بكم إلى الكفر والإلحاد. والبدعة والفساد مطغ مطغ أم حسبتم أن تلك الأبيات العاطلة قد أفحمت ذلك المسلم العالم عن المجادلة والمناضلة يع يع إما بعروقكم دم يهيجكم إلى حب الكلام الجزل الفخم. وإلى البلاغة والبلة. ونق العبارة على موجب القواعد المقررة. والإفصاح عما يخطر ببالكم دون الحشو المخل. والاعتراض المملّ. والتعقيد المعلّ. والإخلاء المسل. وقولكم في جوز الجملة في جوز الجملة الخ. وجعلكم الفعل الثلاثي رباعيا. وبالعكس. واستعمالهم ما يتعدى منه بالباء متعديا بفي وبالعكس. وأجرائكم المتعدي لازما وبالعكس. والمهموز معتلا وبالعكس وعدم فرقكم بين اسمي الفاعل والمفعول. فتقولون هم محسودون مني أي حاسدون لي وما أشبه ذلك قه قه وليس كتابي هذا درة الثين في أوهام القسيسين حتى أستوعب فيه ذكر أغلاطكم وأوهامكم ايحي ايحي وإنما المفصود من ذلك أن أبين لكم أن أدمغتكم قد سقيت اللحن والركاكة من وقت ذهابكم إلى الكتاب وقراءتكم فيه كتاب الزبور إلى أن تصيروا كهلا ثم شيوخاً دح دح وإنه ما دمتم على هذه الحال فلن يرجى لكم من ابلال ويب ويب.